احلى مواضيع جديدة

احلى قصه في العالم

احلى قصه في العالم 61089C5De25D4Caffe1Db08225E4Ae54

احلى قصه في العالم 61089C5De25D4Caffe1Db08225E4Ae54
لم اكن جاوزت الثلاثين حين انجبت زوجتي اول ابنائي.. ما زلت اذكر تلك الليلة ..
بقيت الى اخر الليل مع الشلة

في احدى الاستراحات.. كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ.. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة… كنت انا الذي
اتولى

في الغالب اضحاكهم.. وغيبة الناس.. وهم يضحكون .
اذكر ليلتها اني اضحكتهم كثيرا.. كنت امتلك موهبة عجيبة في التقليد .. بامكاني تغيير نبرة
صوتي حتى

تصبح قريبة من الشخص الذي اسخر منه.. اجل كنت اسخر من هذا وذاك.. لم يسلم
احد مني احد حتى

اصحابي.. صار بعض الناس يتجنبني كي يسلم من لساني .

اذكر اني تلك الليلة سخرت من اعمى رايته يتسول في السوق… والادهى اني وضعت قدمي
امامه فتعثر وسقط

يتلفت براسه لا يدري ما يقول.. وانطلقت ضحكتي تدوي في السوق..
عدت الى بيتي متاخرا كالعادة.. وجدت زوجتي في انتظاري.. كانت في حالة يرثى لها.. قالت
بصوت متهدج: راشد.. اين كنت ؟
قلت ساخرا: في المريخ.. عند اصحابي بالطبع ..
كان الاعياء ظاهرا عليها.. قالت والعبرة تخنقها : راشد… انا تعبة جدا .. الظاهر ان
موعد ولادتي صار وشيكا ..
سقطت دمعة صامته على خدها.. احسست اني اهملت زوجتي.. كان المفروض ان اهتم بها واقلل
من سهراتي .. خاصة انها في شهرها التاسع .
حملتها الى المستشفى بسرعة.. دخلت غرفة الولادة .. جعلت تقاسي الالام ساعات طوال.. كنت انتظر
ولادتها

بفارغ الصبر.. تعسرت ولادتها .. فانتظرت طويلا حتى تعبت.. فذهبت الى البيت وتركت رقم هاتفي
عندهم ليبشروني .
بعد ساعة.. اتصلوا بي ليزفوا لي نبا قدوم سالم ذهبت الى المستشفى فورا.. اول ما
راوني اسال عن غرفتها..

طلبوا مني مراجعة الطبيبة التي اشرفت على ولادة زوجتي .
صرخت بهم: اي طبيبة ؟! المهم ان ارى ابني سالم .
قالوا، اولا راجع الطبيبة ..
دخلت على الطبيبة.. كلمتني عن المصائب .. والرضى بالاقدار .. ثم قالت: ولدك به تشوه
شديد في عينيه ويبدوا انه فاقد البصر !!
خفضت راسي.. وانا ادافع عبراتي .. تذكرت ذاك المتسول الاعمى الذي دفعته في السوق واضحكت
عليه الناس .
سبحان الله كما تدين تدان ! بقيت واجما قليلا.. لا ادري ماذا اقول.. ثم تذكرت
زوجتي وولدي .. فشكرت الطبيبة على لطفها ومضيت لارى زوجتي ..
لم تحزن زوجتي.. كانت مؤمنة بقضاء الله.. راضية. طالما نصحتني ان اكف عن الاستهزاء بالناس..
كانت تردددائما، لا تغتب الناس ..
خرجنا من المستشفى، وخرج سالم معنا. في الحقيقة، لم اكن اهتم به كثيرا. اعتبرته غير
موجود في المنزل.

حين يشتد بكاؤه اهرب الى الصالة لانام فيها . كانت زوجتي تهتم به كثيرا، وتحبه
كثيرا. اما انا فلم اكن اكرهه،

لكني لم استطع ان احبه !
كبر سالم.. بدا يحبو.. كانت حبوته غريبة.. قارب عمره السنة فبدا يحاول المشي.. فاكتشفنا انه
اعرج. اصبح ثقيلا على نفسي اكثر. انجبت زوجتي بعده عمر وخالدا .
مرت السنوات وكبر سالم،وكبر اخواه. كنت لا احب الجلوس في البيت . دائما مع اصحابي.
في الحقيقة كنت كاللعبة في ايديهم ..
لم تياس زوجتي من اصلاحي. كانت تدعو لي دائما بالهداية. لم تغضب من تصرفاتي الطائشة،
لكنها كانت تحزن كثيرا اذا رات اهمالي لسالم واهتمامي بباقي اخوته .
كبر سالم وكبر معه همي. لم امانع حين طلبت زوجتي تسجيله في احدى المدارس الخاصة
بالمعاقين. لم اكن احس بمرور السنوات. ايامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر .
في يوم جمعة، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهرا. ما يزال الوقت مبكرا بالنسبة لي. كنت
مدعوا الى وليمة .

لبست وتعطرت وهممت بالخروج. مررت بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم. كان يبكي بحرقة ! انها
المرة

الاولى التي انتبه فيها الى سالم يبكي مذ كان طفلا. عشر سنوات مضت،لم التفت اليه.
حاولت ان اتجاهله فلم

احتمل. كنت اسمع صوته ينادي امه وانا في الغرفة. التفت … ثم اقتربت منه. قلت:
سالم! لماذا تبكي؟ !
حين سمع صوتي توقف عن البكاء. فلما شعر بقربي، بدا يتحسس ما حوله بيديه الصغيرتين.
ما به يا ترى؟!

اكتشفت انه يحاول الابتعاد عني!! وكانه يقول: الان احسست بي. اين انت منذعشر سنوات ؟!
تبعته …

كان قد دخل غرفته. رفض ان يخبرني في البداية سبب بكائه . حاولت التلطف معه
.. بدا سالم يبين سبب بكائه، وانا استمع اليه وانتفض .
اتدري ما السبب!! تاخر عليه اخوه عمر، الذي اعتاد ان يوصله الى المسجد. ولانها صلاة
جمعة، خاف الا يجد مكانا في الصف الاول. نادى عمر.. ونادى والدته.. ولكن لا مجيب
.. فبكى .
اخذت انظر الى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم استطع ان اتحمل بقية كلامه. وضعت
يدي على فمه وقلت: لذلك بكيت ياسالم !!..
قال: نعم ..
نسيت اصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: سالم لا تحزن. هل تعلم من سيذهب بك اليوم الى
المسجد؟ قال: اكيد عمر .. لكنه يتاخر دائما ..
قلت: لا .. بل انا ساذهب بك ..
دهش سالم .. لم يصدق. ظن اني اسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيدي
وامسكت يده. اردت ان اوصله بالسيارة. رفض قائلا: المسجد قريب… اريد ان اخطو الى المسجد
– اي والله قال لي ذلك .
لا اذكر متى كانت اخر مرة دخلت فيها المسجد، لكن هاالمرة الاولى التي اشعر فيها
بالخوف والندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية. كان المسجد مليئا بالمصلين، الا اني وجدت
لسالم مكانا في الصف الاول. استمعنا لخطبة الجمعة معا وصلى بجانبي… بل في الحقيقة انا
صليت بجانبه ..
بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا. استغربت!! كيف سيقرا وهواعمى؟ كدت ان اتجاهل طلبه،
لكني جاملته خوفا من جرح مشاعره. ناولته المصحف … طلب مني ان افتح المصحف على
سورة الكهف. اخذت اقلب الصفحات تارة وانظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها .
اخذ مني المصحف ثم وضعه امامه وبدا في قراءة السورة … وعيناه مغمضتان … يا
الله !! انه يحفظ سورة الكهف كاملة !!
خجلت من نفسي. امسكت مصحفا … احسست برعشة في اوصالي… قرات وقرات.. دعوت الله ان
يغفر لي ويهديني. لم استطع الاحتمال … فبدات ابكي كالاطفال. كان بعض الناس لايزال في
المسجد يصلي السنة … خجلت منهم فحاولت ان اكتم بكائي. تحول البكاء الى نشيج وشهيق

لم اشعر الا بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عني دموعي. انه سالم !! ضممته
الى صدري… نظرت اليه. قلت في نفسي… لست انت الاعمى بل انا الاعمى، حين انسقت
وراء فساق يجرونني الى النار .
عدنا الى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم، لكن قلقها تحول الى دموع حين
علمت اني صليت الجمعة مع سالم ..
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. واصبحت لي
رفقة خيرة عرفتها في المسجد. ذقت طعم الايمان معهم. عرفت منهم اشياء الهتني عنها الدنيا.
لم افوت حلقة ذكر او صلاة الوتر. ختمت القران عدة مرات في شهر. رطبت لساني
بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس. احسست اني اكثر قربا من اسرتي.
اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي. الابتسامة ما عادت تفارق وجه
ابني سالم. من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها. حمدت الله كثيرا على نعمه .
ذات يوم … قرر اصحابي الصالحون ان يتوجهوا الى احدى المناطق البعيدة للدعوة. ترددت في
الذهاب. استخرت الله واستشرت زوجتي. توقعت انها سترفض… لكن حدث العكس !
فرحت كثيرا، بل شجعتني. فلقد كانت تراني في السابق اسافر دون استشارتها فسقا وفجورا .
توجهت الى سالم. اخبرته اني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرين مودعا …
تغيبت عن البيت ثلاثة اشهر ونصف، كنت خلال تلك الفترة اتصل كلما سنحت لي الفرصة
بزوجتي واحدث ابنائي. اشتقت اليهم كثيرا … اااه كم اشتقت الى سالم !! تمنيت سماع
صوته… هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت. اما ان يكون في المدرسة او المسجد
ساعة اتصالي بهم.
كلما حدثت زوجتي عن شوقي اليه، كانت تضحك فرحا وبشرا، الا اخرمرة هاتفتها فيها. لم
اسمع ضحكتها المتوقعة. تغير صوتها ..
قلت لها: ابلغي سلامي لسالم، فقالت: ان شاء الله … وسكتت …
اخيرا عدت الى المنزل. طرقت الباب . تمنيت ان يفتح لي سالم، لكن فوجئت بابني
خالد الذي لم يتجاوزالرابعة من عمره. حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا .. بابا ..
لا ادري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت .
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..
اقبلت الي زوجتي … كان وجهها متغيرا. كانها تتصنع الفرح .
تاملتها جيدا ثم سالتها: ما بك؟
قالت: لا شيء .
فجاة تذكرت سالما فقلت .. اين سالم ؟
خفضت راسها. لم تجب. سقطت دمعات حارة على خديها …
صرخت بها … سالم! اين سالم .. ؟
لم اسمع حينها سوى صوت ابني خالد يقول بلغته: بابا … ثالم لاح الجنة …
عند الله …
لم تتحمل زوجتي الموقف. اجهشت بالبكاء. كادت ان تسقطعلى الارض، فخرجت من الغرفة .
عرفت بعدها ان سالم اصابته حمى قبل موعد مجيئي باسبوعين فاخذته زوجتي الى المستشفى ..
فاشتدت عليه الحمى ولم تفارقه … حين فارقت روحه جسده ..
اذا ضاقت عليك الارض بما رحبت … وضاقت عليك نفسك بماحملت فاهتف … يا الله

اذا بارت الحيل، وضاقت السبل .. وانتهت الامال .. وتقطعت الحبال ….. نادي … يا
الله
لا اله الا الله رب السموات السبع وربالعرش العظيم

السابق
الصقر في الحلم , معقول لو حلمت بصقر معناة كدة ؟
التالي
داوود عبد السيد