شهدت الاساليب الحياتية لافراد المجتمع الحديث الكثير من التطورات، ولم تكن طرق تربية الاطفال بمعزل
عن هذا التطور، فمع التغيرات التي حدثت لتركيبة العائلة، فان المرء اصبح يلحظ تغيرا في
النظرة للاساليب المقبولة وغير المقبولة فيما يخص تربية وتنشئة الطفل، فقبل ظهور شبكة المعلومات العنكبوتية
(الانترنت) احدث التلفاز ثورة من التغييرات طالت جوانب كثيرة من مناحي الحياة اليومية، ومايزال هذا
الجهاز حتى الوقت الراهن يلعب دورا مهما في حياة الغالبية.
وتعتبر وسائل تربية الطفل من الامور التي طالتها ثورة التغيير التي احدثها التلفاز، علما بان
تلك الوسائل شهدت وماتزال الكثير من الجدل حول تحديد الصح من الخطا منها، ففي الوقت
الذي يفضل بعض الاباء اتباع اساليب التربية التي تربوا عليها، يوجد اخرون يستخدمون الاساليب التي
تناسب ظروفهم الحياتية مراعين حاجات النشء الجديد.
وعلى الرغم من ان وجود الجد والجدة ضمن هيكل بناء العائلة كان من المشاهد المالوفة
في العقود السابقة، الا ان هذا الامر اصبح نادرا هذه الايام ما ادى لبروز حاجة
الوالدين في الحصول على المساعدة في تربية ابنائهم خصوصا بعد ان اصبحت الكثير من الامهات
موظفات الامر الذي حد من الوقت الذي يقضينه مع ابنائهن.
وساهمت التكنولوجيا بتطوير حياة المرء في كثير من المجالات، لذا لم يكن مستغربا ان تتم
الاستعانة باجهزة التلفاز كبديل محتمل لمربية الاطفال، وبما ان لكل شيء ايجابياته وسلبياته، فان تحديد
ما اذا كان بامكان المرء الاستفادة من التلفاز في مجال تربية الطفل يعتمد على طرق
استخدامه له واعتماد عليه.
ابرز الايجابيات والسلبيات لاستخدام التلفاز في تربية الاطفال
الايجابيات
1 – اشغال الطفل لبعض الوقت: على الرغم من ان الوالدين، او احدهما، قد يكونان
في المنزل، الا انهما قد يجدان صعوبة في بعض الاحيان في مراعاة طفلهما وذلك بسبب
انشغالهما في بعض الامور كاتمام بعض المهام الخاصة بالوظيفة، او القيام بالاعمال المنزلية وغير ذلك
من الامور الاخرى، وفي هذه الحالة فان تشغيل برنامج الكرتون المفضل لدى الطفل يمكن ان
يشغله الوقت الكافي لاتمام المهام الاخرى من دون قلق.
2 – مربية مجانية: تملك معظم الاسر تلفازا واحدا على الاقل الامر الذي يعني ان
استخدامه لالهاء الطفل اثناء انشغال والديه يمكن ان يكون عونا كبيرا لهما من دون اي
تكلفة اضافية.
3 – توفير المال: يحتاج الوالدان في بعض الاحيان لالهاء طفلهما لبعض الوقت من اجل
القيام بواجبات اخرى، كاستقبال احد الاقارب او الاصدقاء، او غير ذلك من الواجبات الاجتماعية، وفي
هذه الحالة يقوم البعض باخذ طفلهما لاحدى الحضانات او يقومون باحضار مربية لمدة ساعة او
ساعتين فقط، الامر الذي يتسبب في نفقات اضافية لا داعي لها، حيث ان التلفاز يمكنه
ان يقوم بهذا الدور.
4 – اكثر امنا: لعل ايداع الطفل في احدى الحضانات يكون مقبولا نوعا ما في
حال كان هذا الامر يتم بشكل يومي وضمن اوقات محددة ومتفق عليها، لكن هذا الامر
لا يكون مستساغا في حال كان يتم في فترات متباعدة حسب الحاجة، فعلى الرغم من
ان الاشخاص العاملين في الحضانات يكونون غالبا مؤهلين جيدا، الا انهم لن يقدموا للطفل لمسة
الحنان التي يحصل عليها في المنزل، الامر الذي يجعل الاستعانة بالتلفاز الخيار الانسب في هذه
الحالة.
5 – الشعور بالاطمئنان: يشعر الكثير من الاباء والامهات بالقلق المتكرر على طفلهما، لذا فان
الشعور بان طفلهما يجلس امام شاشة التلفاز بالقرب منهما سيمنحهما شعورا بالراحة والاطمئنان، ولن يكون
مطلوبا منهما سوى مراعاة البرامج التي يشاهدها الطفل والا يتركاه لساعات طويلة امام الشاشة.
6 – عدم وجود قيود: يعلم المعظم بان الاستعانة بمربية يكون في اوقات محددة، والشيء
نفسه ينطبق على الحضانات التي تستقبل الطفل في ساعات معينة فقط. بينما فان التلفاز متوفر
في جميع الاوقات التي تحتاجه بها.
السلبيات:
1 – ضرورة توفر ظروف معينة لاستخدامه: تتطلب الاستعانة بالتلفاز وجود احد الوالدين على الاقل
بالمنزل، او وجود قريب او صديق يمكن تقديم العناية اللازمة عند الحاجة، لذا فلو ذهبت
للعمل او للتسوق فان التلفاز لن يكون ذا فائدة للطفل.
2 – الادمان: لعل الغالبية يتفقون بان التلفاز يمكن ان يتسبب بالادمان لمن يكثر في
الجلوس امامه، ومن ثم فان كثرة الاستعانة به قد تنتج صداعا للوالدين عندما ينتهون من
اعمالهما ويريدون ابعاد الطفل عن الشاشة من اجل اطعامه او تحميمه او غير ذلك.
2 – خطر الاصابة بالسمنة: ان الاستخدام اليومي للتلفاز كبديل للمربية قد يؤدي الى اعتياد
الطفل على قلة النشاط، الامر الذي قد يشكل خطرا على صحته وزيادة احتمال اصابته بالسمنة،
وعلى الرغم من توفر الكثير من البرامج التي تقدم المعلومة للطفل، فعلى المرء ان يعلم
بان هذه البرامج لا يمكنها ان تحل محل النشاط الجسدي للطفل.