احلى مواضيع جديدة

ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض

ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض A89A96D5Bd96E5274665Ae799356Fcd2

ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض A89A96D5Bd96E5274665Ae799356Fcd2

 
تفسير الجلالين
تفسير الطبري
تفسير القرطبي
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي
ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ولٰكن ينزل بقدر ما يشاء ۚ انه
بعباده خبير بصير

27 الشورى
*اضغط هنا لعرض كامل السورة
اسباب النزول – ابو الحسن علي بن احمد بن محمد بن علي الواحدي
قوله تعالى: { ولو بسط ٱلله ٱلرزق لعباده لبغوا في ٱلارض…} الاية. [27].
نزلت في قوم من اهل الصفة تمنوا سعة الدنيا والغنى.
قال خباب بن الارت: فينا نزلت هذه الاية، وذلك انا نظرنا الى اموال قريظة والنضير
فتمنيناها، فانزل الله تبارك وتعالى هذه الاية.
قال: اخبرني ابو عثمان المؤذن، قالك اخبرنا ابو علي الفقيه، قال: اخبرنا ابو محمد بن
معاذ، قال: اخبرنا الحسين بن الحسن بن حرب، قال: اخبرنا ابن المبارك قال: حدثنا حيوة،
قال: اخبرنا ابو هانىء الخولاني، انه سمع عمرو بن حريث يقول:
انما نزلت هذه الاية في اصحاب الصفة: { ولو بسط ٱلله ٱلرزق لعباده لبغوا في
ٱلارض ولٰكن ينزل بقدر ما يشاء} وذلك انهم قالوا: لو ان لنا الدنيا فتمنوا الدنيا.

تفسير بن كثير
يقول تعالى ممتنا على عباده بقبول توبتهم اذا تابوا ورجعوا اليه، انه من كرمه وحلمه
يعفو ويصفح، ويستر ويغفر، كقوله عز وجل: { ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم
يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} ، وقد ثبت في صحيح مسلم، عن انس بن
مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله تعالى اشد فرحا بتوبة عبده
حين يتوب اليه من احدكم كانت راحلته بارض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فايس
منها، فاتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد ايس من راحلته، فبينما هو كذلك اذ هو
بها قائمة عنده، فاخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم انت عبدي وانا ربك،
اخطا من شدة الفرح)، وقوله عز وجل: { ويعفو عن السيئات} اي يقبل التوبة في
المستقبل ويعفو عن السيئات في الماضي، { ويعلم ما تفعلون} اي هو عالم بجميع ما
فعلتم وصنعتم وقلتم، ومع هذا يتوب على من تاب اليه، وقوله تعالى: { ويستجيب الذين
امنوا وعملوا الصالحات} قال السدي: يعني يستجيب لهم، اي الدعاء لانفسهم ولاصحابهم واخوانهم، { ويزيدهم
من فضله} اي يستجيب دعاءهم ويزيدهم فوق ذلك، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا بقية، حدثنا
اسماعيل بن عبد الله الكندي، حدثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه
قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في قوله تعالى: { ويزيدهم من فضله}
قيل: الشفاعة لمن وجبت له النار ممن صنع اليهم معروفا في الدنيا) وقال ابراهيم النخعي
في قوله عز وجل: { ويستجيب الذين امنوا وعملوا الصالحات} قال: يشفعون في اخوانهم، {
ويزيدهم من فضله} قال: يشفعون في اخوان اخوانهم، وقوله عز وجل: { والكافرون لهم عذاب
شديد} لما ذكر المؤمنين وما لهم من الثواب الجزيل ذكر الكافرين وما لهم عنده يوم
القيامة من العذاب الشديد الموجع المؤلم يوم معادهم وحسابهم. وقوله تعالى: { ولو بسط الله
الرزق لعباده لبغوا في الارض} اي لو اعطاهم فوق حاجتهم من الرزق لحملهم ذلك على
البغي والطغيان، من بعضهم على بعض اشرا وبطرا، وقال قتادة: وكان يقال خير العيش ما
لا يلهيك ولا يطغيك، وذكر قتادة حديث: (انما اخاف عليكم ما يخرج الله تعالى من
زهرة الحياة الدنيا)، وقوله عز وجل: { ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير
بصير} اي ولكن يرزقهم من الرزق ما يختاره، مما فيه صلاحهم وهو اعلم بذلك، فيغني
من يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر، كما جاء في الحديث المروي المراد بالحديث المروي
اي المحكي عن الله عز وجل وهو المشهور بالحديث القدسي : (ان من عبادي من
لا يصلحه الا الغنى ولو افقرته لافسدت عليه دينه، وان من عبادي من لا يصلحه
الا الفقر ولو اغنيته لافسدت عليه دينه). وقوله تعالى: { وهو الذي ينزل الغيث من
بعد ما قنطوا} ، اي من ياس الناس من نزول المطر، ينزله عليهم في وقت
حاجتهم وفقرهم اليه، كقوله عز وجل: { وان كانوا من قبل ان ينزل عليهم من
قبله لمبلسين} ، وقوله جل جلاله: { وينشر رحمته} اي يعم بها الوجود على اهل
ذلك القطر وتلك الناحية، وقال قتادة: ذكر لنا ان رجلا قال لعمر بن الخطاب رضي
الله عنه: يا امير المؤمنين قحط المطر، وقنط الناس، فقال عمر رضي الله عنه: مطرتم،
ثم قرا: { وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي
الحميد} اي هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم واخراهم، وهو المحمود العاقبة في جميع
ما يقدره ويفعله.
تفسير الجلالين
{ ولو بسط الله الرزق لعباده } جميعهم { لبغوا } جميعهم اي طغوا {
في الارض ولكن ينزل } بالتخفيف وضده من الارزاق { بقدر ما يشاء } فيبسطها
لبعض عباده دون، وينشا عن البسط البغي { انه بعباده خبير بصير } .
تفسير الطبري
القول في تاويل قوله تعالى : { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض
ولكن ينزل بقدر ما يشاء } ذكر ان هذه الاية نزلت من اجل قوم من
اهل الفاقة من المسلمين تمنوا سعة الدنيا والغنى , فقال جل ثناؤه : ولو بسط
الله الرزق لعباده , فوسعه وكثره عندهم لبغوا , فتجاوزوا الحد الذي حده الله لهم
الى غير الذي حده لهم في بلاده بركوبهم في الارض ما حظره عليهم , ولكنه
ينزل رزقهم بقدر لكفايتهم الذي يشاء منه . ذكر من قال ذلك : 23715 -يونس
, قال : اخبرنا ابن وهب , قال : قال ابو هانئ : سمعت عمرو
بن حريث وغيره يقولون : انما انزلت هذه الاية في اصحاب الصفة { ولو بسط
الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ولكن ينزل بقدر ما يشاء } ذلك بانهم قالوا
: لو ان لنا , فتمنوا . * -حدثنا محمد بن سنان القزاز , قال
: ثنا ابو عبد الرحمن المقري , قال : ثنا حيوة , قال : اخبرني
ابو هانئ , انه سمع عمرو بن حريث يقول : انما نزلت هذه الاية ,
ثم ذكر مثله . 23716 – حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال
: ثنا سعيد , عن قتادة { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض
} . … الاية قال : كان يقال : خير الرزق ما لا يطغيك ولا
يلهيك . وذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ” اخوف
ما اخاف على امتي زهرة الدنيا وكثرتها ” . فقال له قائل : يا نبي
الله هل ياتي الخير بالشر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وهل ياتي
الخير بالشر ؟ ” فانزل الله عليه عند ذلك , وكان اذا نزل عليه كرب
لذلك , وتربد وجهه , حتى اذا سري عن نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال : ” هل ياتي الخير بالشر ” يقولها ثلاثا : ” ان الخير لا
ياتي الا بالخير ” , يقولها ثلاثا , وكان صلى الله عليه وسلم وتر الكلام
: ولكنه والله ما كان ربيع قط الا احبط او الم فاما عبد اعطاه الله
مالا , فوضعه في سبيل الله التي افترض وارتضى , فذلك عبد اريد به خير
, وعزم له على الخير , واما عبد اعطاه الله مالا فوضعه في شهواته ولذاته
, وعدل عن حق الله عليه , فذلك عبد اريد به شر , وعزم له
على شر ” . القول في تاويل قوله تعالى : { ولو بسط الله الرزق
لعباده لبغوا في الارض ولكن ينزل بقدر ما يشاء } ذكر ان هذه الاية نزلت
من اجل قوم من اهل الفاقة من المسلمين تمنوا سعة الدنيا والغنى , فقال جل
ثناؤه : ولو بسط الله الرزق لعباده , فوسعه وكثره عندهم لبغوا , فتجاوزوا الحد
الذي حده الله لهم الى غير الذي حده لهم في بلاده بركوبهم في الارض ما
حظره عليهم , ولكنه ينزل رزقهم بقدر لكفايتهم الذي يشاء منه . ذكر من قال
ذلك : 23715 -يونس , قال : اخبرنا ابن وهب , قال : قال ابو
هانئ : سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون : انما انزلت هذه الاية في اصحاب
الصفة { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ولكن ينزل بقدر ما يشاء
} ذلك بانهم قالوا : لو ان لنا , فتمنوا . * -حدثنا محمد بن
سنان القزاز , قال : ثنا ابو عبد الرحمن المقري , قال : ثنا حيوة
, قال : اخبرني ابو هانئ , انه سمع عمرو بن حريث يقول : انما
نزلت هذه الاية , ثم ذكر مثله . 23716 – حدثنا بشر , قال :
ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة { ولو بسط الله الرزق
لعباده لبغوا في الارض } . … الاية قال : كان يقال : خير الرزق
ما لا يطغيك ولا يلهيك . وذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال : ” اخوف ما اخاف على امتي زهرة الدنيا وكثرتها ” . فقال له
قائل : يا نبي الله هل ياتي الخير بالشر ؟ فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : وهل ياتي الخير بالشر ؟ ” فانزل الله عليه عند ذلك , وكان
اذا نزل عليه كرب لذلك , وتربد وجهه , حتى اذا سري عن نبي الله
صلى الله عليه وسلم قال : ” هل ياتي الخير بالشر ” يقولها ثلاثا :
” ان الخير لا ياتي الا بالخير ” , يقولها ثلاثا , وكان صلى الله
عليه وسلم وتر الكلام : ولكنه والله ما كان ربيع قط الا احبط او الم
فاما عبد اعطاه الله مالا , فوضعه في سبيل الله التي افترض وارتضى , فذلك
عبد اريد به خير , وعزم له على الخير , واما عبد اعطاه الله مالا
فوضعه في شهواته ولذاته , وعدل عن حق الله عليه , فذلك عبد اريد به
شر , وعزم له على شر ” . ‘ وقوله : { انه بعباده خبير
بصير } يقول تعالى ذكره : ان الله بما يصلح عباده ويفسدهم من غنى وفقر
وسعة واقتار , وغير ذلك من مصالحهم ومضارهم , ذو خبرة , وعلم , بصير
بتدبيرهم , وصرفهم فيما فيه صلاحهم.وقوله : { انه بعباده خبير بصير } يقول تعالى
ذكره : ان الله بما يصلح عباده ويفسدهم من غنى وفقر وسعة واقتار , وغير
ذلك من مصالحهم ومضارهم , ذو خبرة , وعلم , بصير بتدبيرهم , وصرفهم فيما
فيه صلاحهم.’
تفسير القرطبي
فيه مسالتان: الاولى: في نزولها؛ قيل : انها نزلت في قوم من اهل الصفة تمنوا
سعة الرزق. وقال خباب بن الارت : فينا نزلت؛ نظرنا الى اموال بني النضير وقريظة
وبني قينقاع فتمنيناها فنزلت. { لو بسط} معناه وسع. وبسط الشيء نشره. وبالصاد ايضا. {
لبغوا في الارض} طغوا وعصوا. وقال ابن عباس : بغيهم طلبهم منزلة بعد منزلة ودابة
بعد دابة ومركبا بعد مركب وملبسا بعد ملبس. وقيل : اراد لو اعطاهم الكثير لطلبوا
ما هو اكثر منه، لقوله : (لوكان لابن ادم واديان من ذهب لابتغى اليهما ثالثا)
وهذا هو البغي، وهو معنى قول ابن عباس. وقيل : لو جعلناهم سواء في المال
لما انقاد بعضهم لبعض، ولتعطلت الصنائع. وقيل : اراد بالرزق المطر الذي هو سبب الرزق؛
اي لو ادام المطر لتشاغلوا به عن الدعاء، فيقبض تارة ليتضرعوا ويبسط اخرى ليشكروا. وقيل
: كانوا اذا اخصبوا اغار بعضهم على بعض؛ فلا يبعد حمل البغي على هذا. الزمخشري:
{ لبغوا} من البغي وهو الظلم؛ اي لبغى هذا على ذاك وذاك على هذا؛ لان
الغنى مبطرة ماشرة، وكفى بقارون عبرة. ومنه قول عليه السلام : (اخوف ما اخاف على
امتي زهرة الدنيا وكثرتها). ولبعض العرب : وقد جعل الوسمي ينبت بيننا ** وبين بني
دودان نبعا وشوحطا يعني انهم احيوا فحدثوا انفسهم بالبغي والتغابن. اومن البغي وهو البذخ والكبر؛
اي لتكبروا في الارض وفعلوا ما يتبع الكبر من العلو فيها والفساد. { ولكن ينزل
بقدر ما يشاء} اي ينزل ارزاقهم بقدر ما يشاء لكفايتهم وقال مقاتل: { ينزل بقدر
ما يشاء} يجعل من يشاء غنيا ومن يشاء فقيرا. قال علماؤنا : افعال الرب سبحانه
لا تخلو عن مصالح وان لم يجب على الله الاستصلاح؛ فقد يعلم من حال عبد
انه لو بسط عليه قاده ذلك الى الفساد فيزوي عنه الدنيا مصلحة له. فليس ضيق
الرزق هوانا ولا سعة فضيلة؛ وهد اعطى اقواما مع علمه انهم يستعملونه في الفساد، ولو
فعل بهم خلاف ما فعل لكانوا اقرب الى الصلاح. والامر على الجملة مفوض الى مشيئته،
ولا يمكن التزام مذهب الاستصلاح في كل فعل من افعال الله تعالى. وروى انس عن
النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال : (من اهان
لي وليا فقد بارزني بالمحاربة واني لاسرع شيء الى نصرة اوليائي واني لاغضب لهم كما
يغضب الليث الحرد. وما ترددت في شيء انا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن
يكره الموت وانا اكره اساءته ولا بد له منه. وما تقرب الي عبدي المؤمن بمثل
اداء ما افترضت عليه. وما يزال عبدي المؤمن يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته
كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا ومؤيدا فان سالني اعطيته وان دعاني اجبته. وان من
عبادي المؤمنين من يسالني الباب من العبادة واني عليم ان لو اعطيته اياه لدخله العجب
فافسده. وان من عبادي المؤمنين من لا يصلحه الا الغنى ولو افقرته لافسده الفقر. وان
من عبادي المؤمنين من لا يصلحه الا الفقر ولو اغنيته لافسده الغنى. واني لادبر عبادي
لعلمي بقلوبهم فاني عليم خبير). ثم قال انس : اللهم اني من عبادك المؤمنين الذين
لا يصلحهم الا الغنى، فلا تفقرني برحمتك.
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي
هذه الاية تقرر طبيعة في النفس الانسانية، كما قال سبحانه في موضع اخر:
{  كلا ان ٱلانسان ليطغىٰ * ان راه ٱستغنىٰ }
[العلق: 6-7] لان الرزق عندما يكون مبسوطا ميسرا لا يشغل المرء به ولا بالحركة من
اجله، فلا يكد ولا يتعب ويتفرغ لامور اخرى تشغله ومنها البغي.

لذلك لما تحدث القران عن قارون، وهو اوضح مثال للغني الطاغي، قال سبحانه:
{  ان قارون كان من قوم موسىٰ فبغىٰ عليهم.. }
[القصص: 76] اذن: النعمة والثراء قد يدعوان الانسان الى الطغيان والبغي بغير الحق، وبسطة الرزق
تعني سعته وتيسير سبله، وهي في هذه الحالة نوع من الابتلاء.

وقوله: { ولٰكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير } [الشورى: 27] اي:
يسوق الرزق بقدر معين وبحساب على مقتضى علمه سبحانه وحكمته في تدبير شئون خلقه، فيعطيهم
بحساب بحيث لا يصل العبد الى مرحلة الطغيان والبغي، وهو سبحانه اعلم بطباع عباده واعلم
بما يصلحهم، لذلك ورد في الحديث القدسي: ” ان من عبادي من اذا اغنيته لفسد
حاله، ومنهم اذا افقرته لصلح حاله “.

وقد اهتم الاسلام بالجانب الاقتصادي في حركة الحياة وفرض الزكاة من اجل استطراق الخير في
المجتمع، وعلمنا ان نفرق بين الفقر عن عجز واحتياج، والفقر عن حرفة وخداع، فمن يتخذ
الفقر حرفة ليس له نصيب، ولا يصح ان تعينه على التكاسل والقعود عن العمل.

اما العاجز فمستحق، لانه غير قادر على الكسب، لذلك جعل الله له جزءا في مال
القادر يصل اليه، وهو معزز لا يريق ماء وجهه للقمة العيش، بل يحفظ له الحق
سبحانه كرامته، ويجعلك انت ايها الغني القادر تذهب اليه وتطرق عليه بابه وتعطيه ليعلم ان
الله حين سلبه قدرته سخر له قدرات الاخرين.

كذلك مثلا في فريضة الحج ترى غير المستطيع حزينا لانه لم يحج، والواقع انه احظ
عند الله من المستطيع الذي يحج؛ لان المستطيع قد يؤدي ولا يقبل منه، اما غير
المستطيع فقد سقط عنه الفرض اصلا. ويقولون: ان نسبة تسعين بالمائة من الناس لم يروا
البيت يعني لم يطوفوا به، فهل يعني هذا ان الله يحرمهم رؤيته؟ لا بل لهم
منه نصيب كما قيل: ” من الناس من يطوف بالبيت، ومن الناس من يطوف بهم
البيت “.

ثم ان حالة الفقر هذه او العجز لا تدوم مداولة بين الناس، كما قال سبحانه:

{  وتلك ٱلايام نداولها بين ٱلناس.. }
[ال عمران: 140].

وسبق ان بينا ان الفقر في المجتمع له حكمة، لان حركة المجتمع ومصالح الناس لا
يمكن ان تقوم على التفضل، انما تقوم على الحاجة، فحين تلجئك الحاجة تعمل ولا تستنكف
من العمل الشاق او الحقير، والا فمن سيقوم بهذه الاعمال.

وراينا العامل حين يرضى بقدر الله فيه ويخلص في عمله يقول الله له: رضيت بقدري
فساعطيك على قدري. فتراه بعد فترة اصبح صاحب عمل بعد ان كان اجيرا، لانه اخلص
لصاحب العمل ولم يحقد عليه، ولم يكره النعمة عنده.

اذن: الحق سبحانه لا يضيق الرزق ولا يعطي بقدر الا في مظنة الضرر، فمن علم
الله منه ان بسطة الرزق تفسده يضيق عليه منافذ الرزق ليصلحه بالفقر. فالاصل انه تعالى
جواد كريم يبسط رزقه لعباده، لذلك يقول في الاية بعدها:

{ وهو ٱلذي ينزل.. }

  • تفسير الايه 27الشورى للشعراوي
  • لو بسط الله الرزق لعباده
  • و لو بسط الرزق لعباده
السابق
طريقة عمل مكرونة بالتونة والجبنة
التالي
ركنة 2024