الاخوة الاكارم :
استاذنكم بذكر تجربة رائعة رائدة مفيدة … لصاحب لي اسمه ( سعيد ) … وارجو
ان يكون في ذكرها النفع لمن كتبها ، وقراها ، ونقلها.
( سعيد ) مضى من عمره 37 سنة تقريبا … اي انه شاب في عنفوان
شبابه _ كما يقال_.
يمكن ان يقال عن ( سعيد ) بانه شاب عادي جدا … في مظهره وهيئته
!!
( سعيد ) يصلي في مسجد يبعد قليلا عن مسجد حينا .
ذهبت قبل قرابة الشهر للصلاة في مسجد ( سعيد ) فرايته في الصف الاول بجوار
المؤذن!!
ثم صليت في مسجدهم قبل اسبوعين … فرايت ( سعيد ) بجوار المؤذن !!
ثم صليت قبل ايام فرايت ( سعيد ) بجوار المؤذن !!
فاعجبني حرصه … وتعجبت من اجتهاده ومبادرته الى الصلاة …
خاصة ان مثله غالبا لا يفعل مثل فعله في المبادرة الى الصلاة ..
تكلمت مع احد جماعة مسجده … فسالته عن ( سعيد ) فتبسم ثم قال :
( سعيد ) هذا … نسميه في حينا ( حمامة المسجد )
فقلت : سبحان الله … كيف ؟ ..!!
فقال : لا تكاد تدخل المسجد في اي فرض من فروض الصلاة الا وتجد (
سعيد ) قد دخل قبلك …
بل انه يدخل قبل المؤذن بدقائق … وفي جميع الصلوات … دون استثناء ..
( .. قبل الاذان وليس قبل الاقامة .. )
فتعجبت منه … وسالت نفسي :
كيف استطاع ( سعيد ) ان ينتصر على نفسه … ويجاهدها ، ويغلبها على المبادرة
الى الصلوات … ؟!.
فعزمت على سؤاله بطريقة غير مباشرة لاستفيد منه … واذكر طريقته لمن اراد ان يفعل
مثل فعله .
صليت مع ( سعيد ) يوم السبت الماضي 26 / 2 / 1430ه … فوجدته
كما عهدته … بجوار المؤذن !!.
وبعد الصلاة امسكت به … ودار بيننا الحوار التالي :
بعد الصلاة امسكت بالاخ ( سعيد ) وقلت له :
ما شاء الله عليك … صليت في مسجدكم مرارا … واراك بجوار المؤذن … كيف
استطعت ان تتغلب على شيطانك ، وهواك ، ونفسك الامارة ؟!.
فقال – على حرج – : الحمد لله … منذ عقلت الصلاة … وانا على
هذه الطريقة .
قلت له : كيف تفعل … وماذا تفعل ؟!.
قال : انا ولله الحمد ؛ تعودت على ان اكون في المسجد قبل الاذان …
فاضع المنبه قبل الاذان ب ( 10 ) دقائق … بحيث اتمكن من الوضوء ،
واللباس ، والخروج الى المسجد … وقد نظمت وقتي على ان ادخل المسجد قبل الاذان
… وان تاخرت فمع المؤذن !!.
قلت له : كيف تستطيع ان تترك مافي يديك قبل الصلاة ؟!.
فقال : كما قلت لك … يجب ان اخرج من البيت بوقت يكفيني لان اكون
في المسجد قبل الاذان … فان كنت مع اولادي … فيعرفون اني ساقوم قبل الاذان
… وان كنت مع اصحابي فيعرفون اني ساقوم قبل الاذان .
فقلت له : الا يثنونك عن المبادرة ؟!.
فقال : بلى … ولكني عاهدت نفسي ان لا استكين لاحد … وانا ولله الحمد
مستمر على ذلك … ولم يحصل اني تقاعست لاحد … والفضل لله وحده .
فقلت له : ماذا تفعل اذا فاتتك الصلاة ؟!.
فقال : ماذا تقصد ؟!. ( لم يستوعب السؤال !!) .
فقلت له : كيف تكون نفسيتك اذا تخلفت عن الصلاة ؟.
فقال : اسال الله ان لا ياتي ذلك اليوم !! …
لكن ان حصل … فستكون نفسيتي سيئة جدا ذلك اليوم !!.
فقلت له : اذن …كم تختم القران في الشهر الواحد ؟!.
فقال – على حرج – : اختم ولله الحمد … كل اسبوعين ( 3 )
ختمات …
اي ( 6 ) ختمات في الشهر الواحد … تزيد او تنقص !!.
… …
فقلت له : كيف تفعل في صلاة الفجر ؟.
فقال : قبل ان انام … اصلي ما تيسر !! … ثم انام … والبس
الجوارب ، واضع المنبه قبل الاذان ب ( 15 ) دقيقة … لاتمكن من الاستعداد
للصلاة … ثم اخرج الى المسجد …
ثم تبسم ، وقال :
واحيانا انتظر المؤذن في البرد القارس على هذه العتبة – واشار الى درج المسجد –
.
قلت : لماذ الجوارب ؟!.
فقال : المسح على الجوارب اقل وقتا من غسل القدمين … وهذا يعطيني وقتا كافيا
للخروج قبل الاذان !!.
قلت له : وكيف تفعل عندما تسهر ؟.
فقال : الحمد لله … انا لا اسهر … وان تاخرت في النوم … فيكون
نومي الساعة ( 11 )مساءا .
قلت له : والعلاقات الاجتماعية … كيف تفعل بها ؟.
فقال : احضر المناسبات والحفلات … لكن لا احرص على الجلوس بعد الساعة العاشرة …
لاتمكن من الاستمرار في برنامجي اليومي .
قلت له : الا تواجه تخذيلا من احد ؟!.
فقال – متبسما – : كثير … لكن ؛ ولله الحمد … لم التفت لهم
.
قلت له : كيف انت مع المسجد ؟.
فقال : ولله الحمد ، اقوم على شؤونه ، ارتب المصاحف ، واقوم بتطييبه ،
وانظف دورات المياه – احيانا – ، واحضر المناديل ، واتابع صيانته – ان احتاج
الى ذلك – !!.
قلت له : هل حفظت شيئا من القران بجلوسك الطويل في المسجد ؟.
فقال : الحمد لله ، حفظت سورة الكهف ، ويوسف ، وهود ، والاسراء ،
ومريم ، وطه … جزء عم … وجزء من تبارك ، وجزء كبير من سورة
البقرة ، واقوم بالفتح على الامام احيانا … وانا لا اعلم اين تكون الاية ،
وفي اي سورة ؟… وهذا من فضل الله .
ثم قال لي :
الامر كله يتعلق بتوفيق الله تعالى اولا …
ثم العزيمة الصادقة الجازمة ..
قلت له : صدقت … اصلح الله احوالنا .
اسال الله ان يوفقك الاخ ( سعيد ) ويحفظه ، ويعينه ، وييسر امره ،
ويزيدنا واياه من فضله .
ولعلي اكمل مايتعلق بصلاة الجمعة … وهو من اعجب العجب … والله المستعان .
الاخوة الافاضل :
منذ حدثني ( سعيد ) عن قصته … واسمه ورسمه لا يغادر فكري عند اقتراب
موعد الصلاة … اتذكره ، واتذكره كلماته عند اذان المؤذن ، وعند المشي الى الصلاة
، وعند النوم والاستعداد لصلاة الفجر !!… كلماته لاتزال في اذني … حرصه ومبادرته لازالت
تؤنبني … وتوبخني … لماذا لا اكون مثله ؟!.
يوم الثلاثاء الماضي 6 / 3 / 1430ه … ذهبت اليه مرة اخرى … لاكمل
بقية التحقيق 🙂 واساله عن حاله مع صلاة الجمعة ، وتدبره للقران … فحرصت على
التبكير الى مسجده ، فدخلت بعد المؤذن فوجدته في المسجد كالعادة !!. ( ماشاء الله
) .
امسكت به بعد الصلاة ، وتحادثنا عند العتبة اياها … :).
قلت له – بعد تمهيد – : كيف انت مع صلاة الجمعة ، ومتى تذهب
اليها ؟.
قال : اذهب الى صلاة الجمعة الساعة ( 9.45 ) دقيقة تقريبا !!… والحمدلله .
قلت له : كيف ؟!.
قال : استعد للصلاة من الساعة ( 9 ) تقريبا … ثم اذهب الى الجامع
من الساعة ( 9.30 ) الى ( 9.45 ) … اهم شيء اكون في المسجد
قبل الساعة ( 10 ) .
قلت له : والاهل ، هل يقولون شيئا ؟!.
قال : نعم ؛ يقولون لماذا تذهب الان ؟ … لازال الوقت مبكرا !! …
لكن كما قلت لك : حددت الوقت والتزمت بما عاهدت نفسي عليه .
قلت : هل هناك احد غيرك ؟.
قال : نعم ياتي بعدي رجلان … قبل الساعة ( 10.30 ) .
قلت له : كم تقرا ؟.
قال : اقرا ( 3 ) الى ( 4 ) اجزاء … ولله الحمد .
قلت له : الا ياتيك الشيطان ، ويقول لك : لماذا تبكر ؟!.
فتبسم وقال : ان اتاني الشيطان … قدمت الوقت ارغاما له … حتى اني اذهب
احيانا الساعة ( 9 ) … اي قبل الوقت الذي حددته … ” وقال لي
قاعدة جميلة بهذا الخصوص … ساذكرها في وقتها باذن الله” .
بعد هذا اللقاء … قلت لنفسي … ولم اقل له : ( مالت على حالنا
… اصلح الله حالنا ) .
” فمن منا ينافس الاخ ( سعيد ) لصلاة الجمعة غدا ؟.”
ثم سالته عن التدبر … وساجعلها في مشاركة مستقلة باذن الله .
خاطرة :
ليعلم الافاضل باني لم اكتب القصة … ليقف اثرها عند التعجب من حال ( سعيد
) … فقط !!.
ولكن :
ذكرتها لتكون دافعا لي ولك للمبادرة الى الصلوات … والحرص على الطاعات … وقراءة كتاب
الله وحفظه وتدبره .
ولنعلم ايضا بان فعل الاخ ( سعيد ) توفيق من رب العالمين …
ولو صدقنا مع الله … وسالناه سؤال صدق بان يصلح قلوبنا واعمالنا … ويوفقنا للمبادرة
الى ماوفق له الاخ ( سعيد ) وغيره … فسنجد خيرا كثيرا باذن الله .
طلب :
لاتقل سافعل بعد ايام … بل اقول لك ” الان ”
ولاتقل صعب !! … واقول لك ” طيب … جرب ”
ولاتقل كيف ؟!… واقول لك ” مهوب شغلك “