احلى مواضيع جديدة

قصة سيدنا نوح عليه السلام مختصرة

قصة سيدنا نوح عليه السلام مختصرة 77B3C69917Ca84A3722Cf32E9Cef9296

قصة سيدنا نوح عليه السلام مختصرة 77B3C69917Ca84A3722Cf32E9Cef9296

نوح (عليه السلام)
كان في سالف الزمان قوم مؤمنون، يعبدون الله وحده ويعتقدون بالمعاد، ويفعلون الخيرات، فمات اولئك
القوم، فحزن عليهم الناس لصلاحهم واخلاقهم. فعمل بعض تماثيل اولئك، وكانوا يسمون بهذه الاسماء: ود،
سواع، يغوث، يعوق، نسر..
وانس الناس بهذه التماثيل، وجعلوها رمزا لاولئك النفر الصلحاء الذين ماتوا منهم. وكان اهل المدينة
يعظمون هذه الصور، قصدا الى تعظيم اولئك الاموات.
مضى الصيف، وجاء الشتاء، فادخلوا الصور في بيوتهم. ومضى زمان.. وزمان.. حتى مات الاباء وكبر
الابناء، فجعلوا يضيفون في احترام هذه التماثيل، ويخضعون امامها. واخذت التماثيل من نفوس اولئك القوم
ماخذا عظيما. واذا بالجيل الثاني، شرعوا يعبدون الصور.. ويقولون انها الهة، يجب السجود لها، والخضوع
امامها. فعبدوها، وضل منهم خلق كثير.
* * *
وحينذاك، بعث الله الى اولئك القوم نوحا (عليه السلام) ليرشدهم الى الطريق.. وينهاهم عن عبادة
الاصنام.. ويهديم الى عبادة الله تعالى.
فجاء نوح الى القوم.. (فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره) فكذبوه،
ولم يقبلوا منه، فانذرهم من عذاب الله تعالى.
قال: (اني اخاف عليكم عذاب يوم عظيم).
(قال الملا من قومه انا لنراك في ضلال مبين).
(قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين ابلغكم رسالات ربي وانصح
لكم واعلم من الله ما لا تعلمون). فتعجب القوم من مقالة نوح.. وجعلوا يقولون: انت
بشر مثلنا، فكيف تكون رسولا من عند الله؟ وان الذين اتبعوك هم جماعة من الاراذل
والسفلة.. ثم لا فضل لكم علينا، فلستم اكثر منا مالا او جاها.. وانا نظن انكم
كاذبون في هذه الادعاءات.. وقال بعض القوم لبعض: (ما هذا الا بشر مثلكم يريد ان
يتفضل عليكم ان هو الا رجل به جنة)
وشجع بعض القوم بعضا، في عبادة اصنامهم (وقالوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا
سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا).
ولما طال حوارهم وجدالهم، قال نوح: (او عجبتم ان جاءكم ذكر من ربكم على رجل
منكم لينذركم)؟ واخذ نوح (عليه السلام) جانب اللين واللطف، ولكن القوم لم يزيدوا الا عنادا.

* * *
ولكن نوحا (عليه السلام) لم يياس منهم، بل كان ياتيهم كل صباح ومساء، ويدعوهم وينذرهم
بلطف ولين.. وكان القوم اذا جاءهم نوح للدعوة (جعلوا اصابعهم في اذانهم) حتى لا يسمعوا
كلامه (واستغشوا ثيابهم) تغطوا بها حتى لا يروه. وكثيرا ما هاجموه، وضربوه حتى يغشى عليه!
لكن نوحا النبي العظيم العطوف الحليم، كان اذا افاق يقول: اللهم اهد قومي فانهم لا
يعلمون.
وفي مرات انهكوه ضربا وصفعا، حتى جرت الدماء عن مسامعه الكريمة، وهو مع ذلك كله
كان يلطف بهم، ويدعوهم الى الله تعالى، فكانوا يقولون: لم (يا نوح قد جادلتنا فاكثرت
جدالنا)؟
حتى علم انه لا يفيدهم النصح، فتوجه الى الله تعالى، ضارعا، وبين كيفية ردهم اياه
(قال رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي الا فرارا)، (واني كلما دعوتهم
لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في اذانهم واستغشوا ثيابهم واصروا واستكبروا استكبارا).
(ثم اني دعوتهم جهارا)، (ثم اني اعلنت لهم واسررت لهم اسرارا فقلت استغفروا ربكم انه
كان غفارا)، (يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا).

* * *
واختلق بعض اولئك الكفار عذرا تافها.. فقالوا: (انؤمن لك واتبعك الارذلون)؟ فان اردت هدايتنا، واعزازنا
لك، فاطرد هؤلاء الارذلين الذين امنوا بك عن حوزتك.. فانا لا نستطيع ان نقرن بهؤلاء
فكيف نستجيب لدين يستوي فيه الشريف والوضيع، والكبير والصغير؟
فاجابهم نوح (عليه السلام)، بلهجة كلها حنان وتذكير: (قال وما علمي بما كانوا يعملون)؟ (ان
حسابهم الا على ربي لو تشعرون)، (وما انا بطارد المؤمنين)! (وما انا بطارد الذين امنوا)
وكيف اطرد جماعة امنوا بي، وازروني وساعدوني على نشر الدعوة؟ (ويا قوم من ينصرني من
الله ان طردتهم افلا تذكرون)؟ (ان انا الا نذير مبين) انذر الناس على حد سواء،
من غير فرق بين الشريف والوضيع، والغني والفقير، والكبير والصغير.
ولما انقطع القوم عن الاحتجاج.. ولم يتمكنوا من رد الادلة التي ذكرها نوح (عليه السلام)،
اخذوا يهددونه، بالرجم بالحجارة (قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين).
* * *
وقد علم نوح (عليه السلام) انهم لا يقبلون منطقا، ولا يهتدون، فضرع الى الله تعالى،
في ان ينجيه من هؤلاء المعاندين (قال رب ان قومي كذبون)، (فافتح بيني وبينهم فتحا
ونجني ومن معي من المؤمنين).
وحيث كان نوح يخوف قومه من عذاب الله، ان اصروا على الكفر.. قال بعضهم، استهزاء:
الى متى تهددنا بعذاب الله؟ (فائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين).
فاجابهم نوح: ان هذا الامر ليس بيدي.. و(انما ياتيكم به الله ان شاء).
ثم توجه اليهم في تحسر، وقال: (لا ينفعكم نصحي ان اردت ان انصح لكم..).
وعند ذاك توقع النصر من الله تعالى.. وانتظر الوحي ليعلم انه ما ينبغي ان يصنع
بهؤلاء القوم؟ فاوحى اليه الله تعالى: (انه لن يؤمن من قومك الا من قد امن
فلا تبتئس بما كانوا يفعلون).
* * *
واذ تمت الحجة.. وانقطعت الاعذار، وطالت الدعوة ما يقرب من عشرة قرون، يئس نوح منهم
ياسا باتا، واشفق على اولادهم واحفادهم ان ياخذوا طريقة الاباء في الكفر والالحاد. فدعا الى
الله تعالى، قائلا: (رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا
عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا).
وحينئذ امره الله تعالى ان يغرس النخل فاذا اثمر نزل عليهم العذاب. وقد كان من
مقتضى عدل الله تعالى ان لا يعذب طفلا صغيرا بذنوب الاباء.. فعقم ارحام النساء اربعين
سنة، فلم يولد لهم مولود ولم يبق لهم طفل غير مكلف.
وفي تلك المدة شرع نوح في غرس النخل، فكان القوم يمرون به ويسخرون منه، ويستهزئون
به، قائلين: انه شيخ قد اتى عليه تسعمائة سنة، وبعد يغرس النخل! وكانوا يرمونه بالحجارة..

ولما بلغ النخل، وانقضت خمسون سنة، امر نوح بقطعه.. فقالوا: ان هذا الشيخ قد خرف..
وبلغ منه الكبر مبلغه! مرة يقول: انا رسول.. ومرة يغرس النخل.. ومرة يامر بقطعة؟
* * *
ولما اكتمل الامر وصارت المدة الف سنة الا خمسين عاما، اوحى الله اليه بصنع السفينة
(فاوحينا اليه ان اصنع الفلك باعيننا ووحينا). فاخذ نوح (عليه السلام) يصنع الفلك، وجبرئيل يعلمه
كيف يصنعها.. واذ كان من الواجب صنع سفينة تسع ملايين المخلوقات، اوحى الله اليه: ان
يكون طول السفينة الفا ومائتي ذراع، وعرضها ثمانمائة ذراع، وارتفاعها ثمانين ذراعا، فيكون الحجم سبعة
ملايين، وستمائة وثمانين الف ذراع.
لكن نوحا (عليه السلام) سال الله تعالى ان يعينه على صنع مثل هذه السفينة الكبيرة،
قال: يا رب من يعينني على اتخاذها؟ فاوحى الله اليه: ناد في قومك، من اعانني
عليها، ونجر منها شيئا صار ما ينجره ذهبا وفضة. فاعانوه في صنعها. وكان محل صنع
السفينة صحراء وسيعة (ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه)!
فكان بعضهم يقول: ايها النبي، لم عدلت عن رسالتك الى النجارة؟
وبعضهم كان يقول: يا نوح صرت نجارا بعد النبوة؟!
وبعضهم كان يقول: السفينة تصنع للبحر وانت تصنعها في البر؟!
وكانوا يتضاحكون! ويتعجبون! ويرمون نوحا بالجنون والسفه.
ويجيبهم نوح (عليه السلام) في تادب ولين: (ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون
فسوف تعلمون من ياتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم). واشتغل بالعمل جادا، حتى تم
صنع السفينة.
* * *
ثم امر الله سبحانه نوحا ان يحمل في السفينة الذي امنوا معه.. ومن كل ذي
روح زوجين اثنين، لئلا ينقرض نسل الحيوان.. وقد كان نوح هيا لكل صنف من اصناف
الحيوان، موضعا في السفينة، ثم حمل من جميع الاصناف التي تغرق في الماء، ولا يتمكن
ان يعيش فيه.
فحمل من الضان اثنين ومن المعز اثنين، ومن الابل اثنين، ومن البقر اثنين، ومن الغزال
اثنين، ومن اليحمور اثنين، ومن البغل اثنين، ومن الفرس اثنين، ومن الاسد اثنين، ومن النمر
اثنين، ومن الفيل اثنين، ومن الكلب اثنين، ومن الدب اثنين.. وهكذا..
وحمل من الحمام اثنين، ومن العصفور اثنين، ومن الصعوة اثنين، ومن الغراب اثنين، ومن الكركي
اثنين، ومن البلبل اثنين، ومن الببغاء اثنين، ومن النسر اثنين ومن الهدهد اثنين، ومن الفاختة
اثنين، ومن الطاووس اثنين.. وهكذا..
وحمل من الجعلان اثنين، ومن اليراعة اثنين، ومن اليربوع اثنين، ومن السنور اثنين، ومن الخنافس
اثنين.. وهكذا..
وبالجملة فقد صنع في السفينة اكبر حديقة حيوانية شاهدها العلم. وجمع في السفينة لكل حيوان
من طعامه الخاص مبلغا كثيرا. هكذا شاء الله.. ونفذ مشيئته نوح (عليه السلام).
وحمل الذين امنوا به، وكان عددهم ثمانين شخصا.. (وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها
ان ربي لغفور رحيم).
* * *
وكان لنوح (عليه السلام) زوجتان، احداهما مؤمنة، والثانية كافرة.. وكانت الزوجة الكافرة تؤذي نوحا، وتقول
للناس: ان زوجي مجنون واذا امن احد، اخبرت الكفار.
وقد اشار الله تعالى في القران الى هذه الزوجة، حيث يقول: (ضرب الله مثلا للذين
كفروا امراة نوح وامراة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما
من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين).
ولما ركب نوح (عليه السلام) السفينة، اركب معه الزوجة المؤمنة، وترك الكافرة، فغرقت مع سائر
الكفار.
* * *
ولما ركب نوح والذين امنوا معه السفينة، واركب جميع الحيوانات، كلا في موضعه.. كسفت الشمس،
واخذت السماء تمطر مطرا غزيرا، وطفقت عيون الارض تنبع بالمياه الكثيرة (ففتحنا ابواب السماء بماء
منهمر) منصب انصبابا شديدا لا ينقطع (وفجرنا الارض عيونا) حتى جرت المياه على وجه الارض
(فالتقى الماء) ماء الارض وماء السماء، حتى صار العالم كبحر كبير.
واستمر هطول الامطار ونبع العيون اربعين يوما. وفي تلك الاثناء، كانت السفينة تجري فوق ظهر
الماء حسب هبوب الرياح، واذا بنوح (عليه السلام) يشرف من السفينة فيرى ولده، يقع مرة،
ويقوم اخرى، يريد الفرار من الغرق، فناداه: (يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين).
لكن الابن العاق ابى قبول نصيحة والده الشفيق، واجاب نوحا (قال ساوي الى جبل يعصمني
من الماء).
فنظر اليه نوح نظر مشفق، وقال: (لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم).
ولكن عناد الولد، واصراره على الكفر حال بينه وبين قبول نصح ابيه، فلم يركب السفينة،
وكانت السفينة حينذاك (تجري في موج كالجبال).
وبعد برهة من هذه المحاورة (حال بينهما) بين نوح وولده (الموج فكان من المغرقين). واخذت
نوح (عليه السلام) الرقة على ولده، فتضرع الى الله تعالى في نجاة ابنه الغريق، فان
الله تعالى كان قد وعده بنجاة اهله، فقال نوح (عليه السلام): (رب ان ابني من
اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين).
ولكن الله تعالى، كان قد وعد نجاة اهل نوح الذين كانوا من الصالحين، ولذا اجابه:
(يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح).
بعدما غمر الماء جميع الارض، وهلك كل كافر (قيل يا ارض ابلعي ماءك)! فغاض الماء
الذي نبع من الارض، واوحى الى السماء: (يا سماء اقلعي) وكفي عن الانصباب والمطر، فانقطع
المطر (واستوت) السفينة (على الجودي) وهو جبل، ارست السفينة عليه، واخذت المياه التي بقيت على
الارض من الامطار، تتسرب الى البحار.
واوحى الى نوح (عليه السلام): (يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى امم ممن
معك) فنزل نوح من السفينة، ونزل المؤمنون الذين كانوا معه، وبنوا مدينة، وغرسوا الاشجار، واطلقوا
الحيوانات التي كانت معهم.
وابتدات العمارة في الارض، واخذ الناس يتوالدون ويتناسلون، واوحى الله تعالى الى نوح: يا نوح،
انني خلقت خلقي لعبادتي، وامرتهم بطاعتي، فقد عصوني، وعبدوا غيري واستوجبوا بذلك غضبي، فغرقتهم.

السابق
مجلة سيدتي الجميلة الجزائرية
التالي
سامية العمودي