المطر والصواعق والزلازل في الاحلام .. من تفسير بن سيرين
لرياح والمطر والصواعق والزلازل في الاحلام .. من تفسير بن سيرين
كثيرون يرون رؤى واحلاما ويعجزون عن تفسيرها .. هذه سلسلة حلقات من تفسير الاحلام لابن
سيرين .. تتناول الرياح والامطار والصواعق والزلازل .. ما تفسيرها في الحلم وما دلالاته ..
اليكم ما كتبه اعظم مفسر للاحلام يستند الى الكتاب والسنة المطهرة بعيدا عن شعوذات المشعوذين
الرياح تدل على السلطان في ذاته لقوتها وسلطانها على ما دونها من المخلوقات مع نفعها
وضرها، وربما دل على ملك السلطان وجنده واوامره وحوادثه وخدمه واعوانه وقد كانت خادما لسليمان
عليه السلام، وربما دلت على العذاب والافات لحدوثها عند هيجانها وكثرة ما يسقط من الشجر
ويغرق من السفن بها لاسيما ان كانت دبورا ولانها الرياح التي هلكت عاد بها ولانها
رياح لا تلقح، وربما دلت الرياح على الخصب والرزق والنصر والظفر والبشارات لان الله عز
وجل يرسلها نشرا بين يدي رحمته وينجي بها السفن الجاريات بامره فكيف بها ان كانت
من رياح اللقاح لما يعود منها من صلاح النبات والثمر وهي الصبا وقد قال صلى
الله عليه وسلم: نصرت بالصبا واهلكت عاد بالدبور، والعرب تسمي الصبا القبول لانها تقابل الدبور
ولو لم يستدل بالقبول والدبور الا باسمها لكفى، وربما دلت الرياح على الاسقام والعلل والهائجة
في الناس كالزكام والصداع ومنه قول الناس عند ذلك هذه رياح هائجة لانها علل يخلقها
الله عز وجل.
ومن راى رياحا تقله وتحمله بلا روع ولا خوف ولا ظلمة ولا ضبابة، فانه يملك
الناس ان كان يليق به ذلك او يراس عليهم ويسخرون لخدمته بوجوه من العز او
يسافر في البحر سليما ان كان من اهل ذلك او ممن يؤمله او تنفق صناعته
ان كانت كاسدة، او تحته رياح تنقله وترفعه ورزق ان كان فقيرا، وان كان رفعها
اياه وذهابها به مكورا مسحوبا وهو خائف مروع قلق، او كانت لها ظلمة وغبرة، فان
كان في سفينة عطبت به، وان كان في علة زادت به والا نالته زلازل وحوادث
او خرجت فيه او امر السلطان او الحاكم ينتهي فيها الى نحو ما وصل اليه
في المنام، فان لم يكن شيء من ذلك اصابته فتنة غبراء ذات رياح مطبقة وزلازل
مقلقة.
وان راى الرياح في تلك الحال تقلع الشجر وتهدم الجدر او تطير بالناس او بالدواب
او بالطعام، فانه بلاء عام في الناس اما طاعون او سيف او فتنة او غارة
او سبي او مغرم وجور ونحو ذلك، فان كانت الرياح العامة ساكتة او كانت من
رياح اللقاح، فان كان الناس في جور او شدة او وباء او حصار من عدو
بدلت احوالهم وانتقلت امورهم وفرجت همومهم.
ورياح السموم تدل على امراض حارة، والرياح مع الصفرة مرض والرياح مع الرعد سلطان جائر
مع قوة.
ومن راى ان الرياح حملته من مكان الى مكان اصاب سلطانا او سافر سفرا لا
يعود منه لقوله تعالى ” او تهوي به الريح في مكان سحيق”.
ومن راى سقوط الرياح على مدينة او عسكر، فان كانوا في حرب هلكوا والرياح اللينة
الصافية خير وبركة والرياح العاصف جور السلطان والرياح مع الغبار دليل الحرب.
السحاب: يدل على الاسلام الذي به حياة الناس ونجاتهم وهو سبب رحمة الله تعالى لحملها
الماء الذي به حياة الخلق، وربما دلت على العلم والفقه والحكمة والبيان لما فيها من
لطيف الحكمة بجريانها حاملة وقرا في الهواء ولما ينعصر منها من الماء، وربما دلت على
العساكر والرفاق لحملها الماء الدال على الخلق الذي خلقوا من الماء، وربما دلت على الابل
القادمة بما ينبت بالماء كالطعام والكتان لما قيل انها تدل على السحاب لقوله تعالى ”
افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت “. وربما دلت على السفن الجارية في الماء في
غير ارض ولا سماء حاملة جارية بالرياح، وقد تدل على الحامل من النساء لان كلتيهما
تحمل الماء وتجنه في بطونها الا ان ياذن لها ربها باخراجه وقذفه، وربما دلت على
المطر نفسه لانه منها وبسببها، وربما دلت على عوارض السلطان وعذابه واوامره، واذا كانت سوداء
او كان معها ما يدل على العذاب لما يكون فيها من الصواعق والحجارة مع ما
نزل باهل الظلمة حين حسبوها عارضا تمطرهم فاتتهم بالعذاب وبمثل ذلك ايضا يرتفع على اهل
النار، فمن راى سحابا في بيته او نزلت عليه في حجره اسلم ان كان كافرا
ونال علما وحكما ان كان مؤمنا او حملت زوجته ان كان في ذلك راغبا او
قدمت ابله وسفينته ان كان له شيء من ذلك.
وان راى نفسه راكبا فوق السحاب او راها جارية تزوج امراة صالحة ان كان عازبا
او سافر او حج ان كان يؤمل ذلك والا شهر بالعلم والحكمة ان كان لذلك
طالبا والا ساق بعسكر او سرية او قدم في رفقة ان كان لذلك اهلا والا
رفعه السلطان على دابة شريفة ان كان ممن يلوذ به وكان راجلا والا بعثه على
نجيب رسولا.
وان راى سحبا متواليا قادمة جانية والناس لذلك ينتظرون مياهها وكانت من سحب السماء ليس
فيها شيء من دلائل العذاب قدم تلك الناحية ما يتوقعه الناس وما ينتظرونه من خير
يقدم او رفقة تاتي او عساكر ترد او قوافل تدخل، وان راها سقطت بالارض او
نزلت على البيوت او في الفدادين او على الشجر والنبات فهي سيول وامطار او جراد
او قطا او عصفور، وان كان فيها مع ذلك ما يدل على الهم والمكروه كالسموم
والرياح الشديدة والنار والحجر والحيات والعقارب، فانها غارة تغير عليهم وتطرقهم في مكانهم او رفقة
قافلة تدخل بنعي اكثرهم ممن مات في سفرهم او مغرم وخراج يفرضه السلطان عليهم او
جرادا ودبا يضر بنباتهم ومعايشهم او مذاهب وبدع تنتشر بين اظهرهم ويعلن بها على رؤوسهم،
وقيل ان السحاب ملك رحيم او سلطان شفيق فمن خالط السحاب، فانه يخالط رجال من
هؤلاء، ومن اكل السحاب، فانه ينتفع من رجل بمال حلال او حكمة، وان جمعه نال
حكمة من رجل مثله، فان ملكه نال حكمة وملكا.
وان راى ان سلاحه من عذاب، فانه رجل محتاج.
وان راى انه يبني دارا على السحاب، فانه ينال دنيا شريفة حلالا مع حكمة ورفعة،
فان بنى قصرا على السحاب، فانه يتجنب من الذنوب بحكمة يستفيدها وينال من خيرات يعلمها.
وان راى في يده سحابا يمطر منه المطر، فانه ينال بحكمة ويجري على يده الحكمة.
وان راى انه تحول سحابا يمطر على الناس نال مالا ونال الناس منه.
والسحاب اذا لم يكن فيه مطر، فان كان ممن ينسب الى الولاية، فانه لا ينصف
ولا يعدل، واذا نسب الى التجارة، فانه لا يفي بما يتبع ولا بما يضمن، وان
نسب الى عالم، فانه يبخل بعمله، وان كان صانعا، فانه متقن الصناعة حكيم والناس محتاجون
اليه.
والسحاب سلاطين لهم يد على الناس ولا يكون للناس عليهم يد، وان ارتفعت سحابة فيها
رعد وبرق، فانه ظهور سلطان مهيب يهدد بالحق.
ومن راى سحابا نزل من السماء وامطر مطرا عاما، فان الامام ينفذ الى ذلك الموضع
اماما عادلا فيهم سواء كان السحاب ابيض او اسود، واما السحاب الاحمر في غير حينه
فهو كرب او فتنة او مرض، وقيل من راى سحابا ارتفع من الارض الى السماء
وقد اظل بلدا، فانه يدل على الخير والبركة، وان كان الرائي يريد سفرا تم له
ذلك ورجع سالما، وان كان غير مستور بلغ مناه فيما يلتمس من الشر، وقيل ان
السحاب الذي يرتفع من الارض الى السماء يدل على السفر ويدل فيمن كان راجعا على
رجعته من سفره، والسحاب المظلم يدل على غم والسحاب الاسود يدل على برد شديد او
حزن.
المطر: يدل على رحمة الله تعالى ودينه وفرجه وعونه وعلى العلم والقران والحكمة لان الماء
حياة الخلق وصلاح الارض ومع فقده هلاك الانام والانعام وفساد الامر في البر والبحر فكيف
ان كان ماؤه لبنا او عسلا او سمنا، ويدل على الخصب والرخاء ورخص الاسعار والغنى،
لانه سبب ذلك كله وعنده يظهر فكيف ان كان قمحا او شعيرا او زيتا او
تمرا او زبيبا او ترابا لا غبار فيه ونحو ذلك مما يدل على الاموال والارزاق،
وربما دل على الحوائج النازلة من السماء كالجراد او البرد او الرياح سيما ان كان
فيه نار او كان ماؤه حارا لان الله سبحانه عبر في كتابه عما انزله على
الامم من عذابه بالمطر كقوله تعالى ” وامطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين “. وربما
دل على الفتن والدماء تسفك سيما ان كان ماؤه دما، وربما دل على العلل والاسقام
الجدري والبرسام ان كان في غير وقته وفي حين ضرره لبرده وحسن نقطه وكل ما
اضر بالارض ونباتها منه فهو ضار للاجسام الذين ايضا خلقوا منها ونبتوا فيها فكيف ان
كان المطر خاصة في دار او قرية او محلة مجهولة، وربما دل على ما نزل
السلطان من البلاء والعذاب كالمغارم والاوامر سيما ان كان المطر بالحيات وغير ذلك من ادلة
العذاب، وربما دلت على الادواء والعقلة والمنع والعطلة للمسافرين والصناع وكل من يعمل عملا تحت
الهواء المكشوف لقوله تعالى ” ان كان بكم اذى من مطر”.
ومن راى مطرا عاما في البلاد، فان كان الناس في شدة خصبوا ورخص سعرهم اما
بمطر كما راى او لرفقه او سفن تقدم بالطعام، وان كانوا في جور وعذاب واسقام
فرج ذلك عنهم ان كان المطر في ذلك الحين نافعا، وان كان ضارا او كان
فيه حجر او نار تضاعف ما هم فيه وتواتر عليهم على قدر قوة المطر وضعفه،
فان كان رشا فالامر خفيف فيما يدل عليه.
ومن راى نفسه في المطر او محصورا منه تحت سقف او جدار فامر ضرر يدخل
عليه بالكلام والاذى، واما ان يضرب على قدر ما اصابه من المطر، واما ان يصيبه
نافض ان كان مريضا او كان ذلك اوانه او كان المكان مكانه، واما الممنوع تحت
الجدار فاما عطلة عن عمله او عن سفره او من اجل مرضه او سبب فقره
او يحبس في السجن على قدر ما يستدل على كل وجه منها بالمكان الذي راى
نفسه فيه وبزيادة الرؤيا وما في اليقظة الا ان يكون قد اغتسل في المطر من
جنابة او تطهر منه للصلاة او غسل بمائه وجهه فيصح له بصره او غسل به
نجاسة كانت في جسمه او ثوبه، فان كان كافرا اسلم، وان كان بدعيا او مذنبا
تاب، وان كان فقيرا اغناه الله، وان كان يرجو حاجة عند السلطان او عند من
يشبهه نجحت لديه وسمح له بما قد احتاج اليه، وكل مطر يستحب نوعه فهو محمود
وكل مطر يكره نوعه فهو مكروه.
وقال ابن سيرين: ليس في كتاب الله تعالى فرج في المطر اذا جاء اسم المطر
فهو غم مثل قوله تعالى ” وامطرنا عليهم مطرا ” وقوله ” وامطرنا عليهم حجارة
“. واذا لم يسم مطرا فهو فرج الناس عامة لقوله تعالى ” ونزلنا من السماء
ماء مباركا “. وقيل المطر يدل على قافلة الابل كما ان قافلة الابل تدل على
المطر، والمطر العام غياث.
وان راى ان السماء امطرت سيوفا، فان الناس يبتلون بجدال وخصومة، فان امطرت بطيخا، فانهم
يمرضون، وان امطرت من غير سحاب فلا ينكر ذلك لان المطر ينزل من السماء، وقيل
انه فرج من حيث لا يرجى ورزق من حيث لا يحتسب، ولفظ الغيث والماء النازل
وما شاكل ذلك اصلح في التاويل من لفظ المطر.
الرعد: يدل على وعيد السلطان وتهدده وارعاده ومنه يقال هو يرعد ويبرق، وربما دل على
المواعيد الحسنة والاوامر الجزلة لانه اوامر ملك السحاب بالنهوض والجود الى من ارسلت اليه، وتدل
الرعود ايضا على طبول الزحف والبعث والسحاب على العساكر والبرق على النصال والبنود المنشورة الملونة
والاعلام والمطر على الدماء المراقة والصواعق على الموت.
ومن راى رعدا في السماء، فانها اوامر تشيع من السلطان، وان راى ذلك من صلاحه
بالمطر وكان الناس منه في حاجة دل على ذلك الامطار او على مواعيد السلطان الحسان،
وقد يدل على الوجهين ويبشر بالامرين، وان كان صاحب الرؤيا ممن يضره المطر كالمسافر والقصار
والغسال والبناء والحصاد، ومن يجري مجراهم فاما مطر يضر به ويفعله ويفسد ما قد عمله
وقد اوذنوا به قبل حلوله ليتحذروا باخذ الاهبة ويستعدوا للمطر، واما اوامر السلطان او جناية
عليه في ذلك مضرة، فكيف ان كان المطر في ذلك الوقت ضارا كمطر الصيف.
وان راى مع البرق رعودا تاكدت دلالة الوعد فيما يدل عليه، واذا كانت الشمس بارزة
عند ذلك ولم يكن هناك مطر فطبول وبنود تخرج من عند السلطان لفتح اتى اليه
وبشارة قدمت عليه او لامارة عقدها لبعض ولاته او لبعث يخرجه او يتلقاه من بعض
قواده، وان كان مع ذلك مطر وظلمة وصواعق فاما جوائح من السماء كالبرد والرياح والجراد،
واما وباء وموت، واما فتنة او حرب ان كان البلد بلد حرب او كان الناس
يتوقعون ذلك من عدو، وقيل الرعد بلا مطر خوف.
وان راى الرعد، فانه يقضي دينا، وان كان مريضا برئ، وان كان محبوسا اطلق، واما
الرعد والبرق والمطر فخرف للمسافر وطمع للمقيم، وقيل الرعد صاحب شرطة ملك عظيم، وقيل الرعد
بغير برق يدل على اغتيال ومكر وباطل وكذب وذلك لانه انما يتوقع الرعد بعد البرق،
وقيل صوت الرعد يدل على الخصومة والجدال