احلى مواضيع جديدة

استصغار النفس

استصغار النفس E46E473A58E4Eb8Ac2F95A1F2Da68Ced

استصغار النفس E46E473A58E4Eb8Ac2F95A1F2Da68Cedاستصغار النفس
افتى سلطان العلماء “العز ابن عبد السلام” ببيع المماليك ورد ثمنهم الى بيت المال، وذلك
في عهد الملك الصالح ايوب، وكان من بينهم نائب السلطان فكبر ذلك عليه، فتوجه ومعه
جماعة من المماليك الى بيت الشيخ شاهرا سيفه فطرق الباب طرقا عنيفا فلما خرج له
ابن الشيخ الجمته المفاجاة اذ راى شدة الغضب في وجه نائب السلطان والسيف مشهرا بيده،
فدخل الى والده واخبره بما راى وانهم جاءوا ليقتلوه فلم يكترث الشيخ بما سمع وقال
لابنه: يا ولدي ابوك اقل من ان يقتل في سبيل الله!

اجابة عجيبة في موقف لا يحتمل التكلف. اجابة تقطر تواضعا واستصغارا للنفس ومحوا للذات.
وعندما خرج اليهم القى الله مهابته في قلب نائب السلطان فيبست يده على السيف وسقط
من يده وارتعدت فرائصه ووافق على تنفيذ فتوى الشيخ..!

ان رؤية المرء لنفسه بعين النقص واستصغاره لها واستشعاره انه لا قيمة له ولا اعتبار
بذاته وان اي خير هو فيه فهو محض فضل من الله وانه سبحانه ان شاء
اثبته وان شاء منعه .. هذه الحقيقة لمن اهم الحقائق التي ينبغي ان يعيش العبد
بكينونته فيها وان تصطبغ حياته بها في كل الاوقات والاحوال سواء كان من اصحاب المناصب
الدنيوية او الدينية او لم يكن.

ولنا في رسل الله وانبيائه صلوات الله عليهم وسلامه الاسوة الحسنة في ذلك؛ فمع ان
هؤلاء الاخيار هم افضل الخلق الا انهم كانوا اكثر الخلق تواضعا ويكفيك في هذا ما
حدث من رسول الله موسى عليه السلام عندما كلفه الله عز وجل بحمل الرسالة والذهاب
الى الطاغية فرعون وقومه لابلاغهم بها والتي تؤكد على ان الله وحده هو المستحق للعبادة
وانه رب كل شيء ومليكه ” واذ نادى ربك موسى ان ائت القوم الظالمين (10)
قوم فرعون الا يتقون ” [طه: 10، 11] فماذا كان جواب موسى عليه السلام؟ كان
جوابه في غاية التواضع واستصغار النفس “قال رب اني قتلت منهم نفسا فاخاف ان يقتلون
” {واخي هارون هو افصح مني لسانا فارسله معي ردءا يصدقني اني اخاف ان يكذبون
} [القصص: 34] فهو يرى ان اخاه هارون افضل واقدر على توصيل الدعوة منه مع
ان المتامل في القران لمسيرته الدعوية مع اخيه عليهما السلام يجد ان العبء الاكبر في
هذه الدعوة قد تحمله موسى عليه السلام وان هارون عليه السلام لم يات ذكره في
القران الا في مواضع قليلة.

وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم، وهو من هو في منزلته عند الله عز وجل
وافضليته على جميع البشر بمن فيهم الرسل والانبياء، ياتيه رجل فيقول له يا خير البرية.
فيرد عليه صلى الله عليه وسلم قائلا: ذاك ابراهيم عليه السلام. [رواه مسلم] وقال يوما
لاصحابه: لا تخيروني على موسى فان الناس يصعقون فاكون اول من يفيق فاذا موسى باطش
بجانب العرش فلا ادري اكان فيمن صعق فافاق قبلي ام كان ممن استثنى الله! [متفق
عليه]

وجيء اليه صلى الله عليه وسلم يوما بطعام فقالت له عائشة رضي الله عنها: لو
اكلت يانبي الله وانت متكئ كان اهون عليك. فاصغى بجبهته حتى كاد يمس الارض وقال:
بل اكل كما ياكل العبد وانا جالس كما يجلس العبد وانما انا عبد. [اخرجه ابن
المبارك في الزهد].

ودخل عليه رجل فاصابته من هيبته رعدة فقال له: هون عليك فاني لست بملك انما
ان ابن امراة من قريش تاكل القديد. [رواه ابن ماجه]
ومن صور تواضعه صلى الله عليه وسلم واستصغاره لنفسه انه كان يكبر افعال اخوانه من
الرسل وانه لو كان مكانهم ما فعل مثل افعالهم كقوله صلى الله عليه وسلم: عجبت
لصبر اخي يوسف وكرمه والله يغفر له حيث ارسل اليه ليستفتى في الرؤيا ولو كنت
انا لم افعل حتى اخرج وعجبت لصبره وكرمه والله يغفر له اتي ليخرج فلم يخرج
حتى اخبرهم بعذره ولو كنت انا لبادرت الباب. [السلسلة الصحيح 1941].

السابق
بحث عن النبي محمد بالانجليزي
التالي
العصافير في المنام