احلى مواضيع جديدة

التفكير الابداعي للاطفال

التفكير الابداعي للاطفال 9229D6B20D0A397595E2Aee3D55Fef47

التفكير الابداعي للاطفال 9229D6B20D0A397595E2Aee3D55Fef47

لا شك ان الابوين يمثلان لاطفالهما المادة الخام للمخزون المعرفي والاجتماعي الذي يعتمدون عليه على
مدار كافة مراحل  نموهم ونشئتهم؛ ومن ثم فان الاسرة هي من يقع على عاتقها في
المقام الاول تقديم النموذج الفاضل الذي ترغب في نقله الى الابناء واستنباط مواهبهم وقدراتهم المتنوعة.

وتفيد العديد من الابحاث التربوية ان السنوات الخمس الاولى من حياة الطفل هي الاكثر فاعلية
في طريق تنمية قدراته الابداعية؛ خاصة مع ما يلاحظ لديهم في هذه السنوات من سعة
خيال ومهارات تكشف عنها العابهم ووسائل الترفيه التي يميلون اليها والاسئلة التي يطرحونها على الوالدين
والمعلمين. وهذا لا يعني ان الابداع ينتهي بمرور هذه المرحلة العمرية؛ حيث ان تنمية التفكير
الابداعي لا تتقيد بسن معين وان كان تحفيزها منذ الصغر هو الاسلوب الاكثر ايجابية.

وسنعرض في السطور التالية ابرز الخطوات الواجب اتباعها لتنمية الملكات الابداعية لدى الطفل منذ سنوات
عمره الاولى:

اولا: مراعاة طبيعة الطفل

فلكل طفل شخصية فريدة في نوعها قد تتشابه في بعض ملامحها مع غيره من اقرانه
الا انها لا تتطابق ابدا؛ لتظل كل نفس بشرية خلقها الله ابداعا منفردا في ذاته.
ومن ثم كان لا بديل عن التعامل مع شخصيات الابناء وفقا لها وليس وفقا لما
تربى الوالدان عليه. ويمكن ان نعرض امثلة على ذلك؛ فالطفل الاجتماعي بطبعه كثير الحركة لا
يمكن التعامل معه بنفس الاسلوب الذي يتلاءم مع الطفل الانطوائي الخجول. فالاول يحتاج الى توجيه
سلوكه لتنمية علاقاته الاجتماعية واكتساب المزيد من القدرات والمعارف ولكن مع المحافظة على القيم والاداب
في التعامل مع من هم اكبرمنه سنا و اقاربه ومعلميه؛ اما الشخصية الانطوائية فتتطلب من
الاهل عدم الزج المباشر بها في المناطق الاجتماعية التي تخشاها وترهبها، بل يجب ان يبحر
الوالدان بطفلهما الانطوائي على نحو تدريجي نحو الاندماج مع اقرانه والبيئة المحيطة به دون ممارسة
ضغوط غير مرغوبة او اللجوء الى اساليب الاجبار. و حديثي في هذه الحالة يتعلق بالطفل
الانطوائي فقط وليس الطفل الذي يعاني من متلازمة التوحد؛ حيث ان الاخير في حاجة الى
رعاية متخصصة لا يستطيع الوالدين القيام بها بمعزل عن اخصائيي تلك الحالة من الاطباء والتربويين.

ثانيا : توقف عن ضرب طفلك

اذا كان الاهل قد استنفذوا طاقاتهم في محاولة تربية طفلهم دون اللجوء الى الضرب ولم
يبق الا الايذاء البدني سبيلا للتربية؛ فان الدراسات التربوية المعاصرة تحذر من مخاطر الضرب وايذاء
الجسد لان مثل ذلك الاسلوب يؤدي الى نتائج عكسية قد تصل بالطفل الى حالة يمكن
ان تكون خارج نطاق السيطرة؛ ليصبح بعدها مهزوز الشخصية او ضعيف في التحصيل الدراسي بل
في بعض الاحيان قد يكون الطفل ناجحا دراسيا الا انه ذو ميول عدوانية خطيرة تزج
به وباسرته في سلسلة لا تنتهي من المشكلات الاجتماعية؛ ناهيك عن القضاء على اي مهارات
ابداعية لديه. فان كان موهوبا فان ضربك اياه يعني انك تجهز على قدراته النفسية والابداعية
وتلقي به الى اتون الشخصية غير السوية.

ثالثا : الايجابية في التفاعل مع الطفل

وهناك اكثر من وجه لايجابية المربي باختلاف درجة علاقته بالطفل؛ فايجابية اسلوب الاب والام تختلف
عن ايجابية اسلوب المعلم او المدرب؛ غير ان القاسم المشترك بينهم جميعا هو ترسيخ الثقة
بالنفس والشعور بالاهمية في نفس الصغير.
وتنصح الخبيرة التربوية “كريستين دورهام”- في كتابها “مطاردة الافكار” – الوالدين والمعلمين بضرورة ان يصبحوا
ايجابيين في التعامل مع الصغار لتنمية ملكاتهم الابداعية؛ واعتبرت ان هناك خمسة مفاتيح للتفكير الابداعي
تتطلب من المربي معرفتها والتعامل من خلالها مع الابناء عند الحوار معهم او مناقشة افكارهم
بشان مسالة ما وهم: تصنيف موضوع الفكرة ثم البدء في رصد تفاصيل وقائعها وما يتعلق
بتلك الوقائع من مشاعر مصاحبة لها مثل حزن او فرح او فخر او بهجة ..
الخ لياتي في النهاية المفتاح الرابع الذي يستفز عقل الطفل ليحدد من خلال المفاتيح الثلاثة
السابقة ثلاثة انطباعات مختلفة عن موضوع النقاش تندرج تحت خيارات ثلاث هي (جيد –سيء- فضولي)؛
ثم في النهاية المفتاح الخامس الذي لابد ان يتقن الاهل الامساك به وهو تنشيط سؤال
“ماذا لو” كان يقول الوالد لطفله مثلا ماذا لو كان العام كله صيف؟ ماذا لو
وجدت كنز كبير؟

ان تبني هذا النوع من التفكير المتدرج يشجع خيال الصغار ويثير فضولهم وخاصة ان كانوا
ضمن اسرة واحدة او فريق واحد مما يترتب عليه تنمية نمط والية ابداعية لدى الطفل
تجعله لا يكتفي على الاطلاق بتقصي الوقائع بل باستنباط الافكار الموازية والهادفة طول الوقت.

ولدينا في مجتمعاتنا الاسلامية سير رائعة لنماذج اسلامية جليلة كصحابة رسول الله صلى الله عليه
وسلم وصلاح الدين الايوبي وطارق بن زياد وغيرهم من ابطال ثقافتنا العربية والاسلامية يمكن من
خلال سيرتهم ان يطرح الاهل على ابنائهم العديد من الافكار حولهم؛ كان يقول الاب او
الام لطفلهما ماذا لو عشت في زمن صحابة الرسول؟ ماذا كنت ستفعل؟ اي الشخصيات الاسلامية
تعتقد انها اقرب لك ولماذا؟

ويستمران على ذلك  المنوال في مختلف الموضوعات مع التنوع في العرض واساليب التشجيع وتوسيع دائرة
معارف طفلهما بل ومحاولة جذب اصدقائه المحببين الى مثل هذا النوع من الانشطة الفكرية. وهكذا
ينبغي ان يستمع المربي بانتباه لافكار طفله ويزيد عليها مع توضيح ما يعجز عقله البسيط
عن فهمه ودفعه للتعبير عن مشاعره بكل حرية مع احترام تفكيره وتقديره تماما حتى لو
بدت افكاره سطحية ومضحكة.

رابعا: احترم عقل الطفل وتجنب السخرية منه

ليس اقسى على نفس الطفل من التعرض له بالانتقاد غير المبرر بالنسبة له؛ فقيام بعض
الاهل بالسخرية من سذاجة بعض افكار اولادهم تؤدي بالصغير الى استخدام منطقه الخاص في التفسير؛
كان يرى ان والديه غير فخورين به وانه اقل من اقرانه وانه فاشل ولا يقدر
على شيء؛ وهي بالطبع معان سلبية ربما لم يقصدها الوالدان لكنهم بسخريتهم واستهزائهم الذي لم
يفهمه الطفل يساعدانه دون ان يشعرا في ان يضع صورة دونية لنفسه تؤدي به لاحقا
الى فقدان ثقته بنفسه والاستهانة بقدراته واللجوء الى العدوانية كذلك في بعض الاحيان.

ومن ثم كان من الاهمية بمكان ان يشعر الصغار بتقدير الكبار لهم واحترامهم لافكارهم واختياراتهم
بل وتساؤلاتهم التي تبدو غريبة او ساذجة او محرجة احيانا؛ وذلك عن طريق القاعدة التربوية
الذهبية وهي الاصغاء.
فمجرد اصغاء الوالدين لاطفالهم باهتمام واظهار الفضول لمعرفة ما يودون قوله يكسبهم شعورا بالفخر باهميتهم
ومحبة والديهم ومعلميهم ويمنحهم احساسا بالتميز والرقي؛ الامر الذي يؤدي بدوره الى تطور ثقتهم بانفسهم
وتالق افكارهم وتفتح ابداعاتهم الفكرية والمنطقية.

خامسا: تنمية الشعور بالحب

اكدت الدراسات التربوية على ان تعبير الوالدين عن حبهم لاطفالهم يجب الا يكون مشروطا؛ اي
ان الطفل لابد ان يشعر ان والديه يتقبلانه كما هو ويحبانه سواء كانت قدراته بسيطة
او ممتازة؛ فهذه المحبة الفطرية يجب الا يتلاعب بها الوالدين ابدا حتى في حالة العقاب
او تقويم سلوك الطفل عند الغضب، بل يجب التاكيد عليها في كل الاحوال مع وضع
العقاب المناسب في حالة الخطا دون مبالغة او تهديد بفقد هذا الحب. ولا يكون ذلك
فقط بتكرار الاب والام بالقول انهما يحبان طفلهما بل ينبغي عليهما اظهار ذلك له فعليا
بلغة يفهمها. فاذا نظرت الام الى صغيرها اثناء التحدث معه فانه سيسعد بذلك ويفسره بانه
يقول اشياء مفيدة وان اهله فخورين به ما سيجعله يتمنى ان  يكون افضل في نظرهم
بالاجتهاد في دراسته او التفوق في الرياضة التي يمارسها او الهواية التي يحبها ليحظى دائما
بهذا الحب.

ليس هذا فحسب فاحترام خياراته البسيطة في لون ملابسه وشكل ادواته البسيطة التي يستخدمها؛ كل
ذلك يصب بقوة في خلق شخصية سوية متزنة مبدعة وشجاعة تتحمل نتائج اختياراتها.

سادسا: مراعاة الخط الفاصل بين التشجيع والمبالغة في التشجيع

لا شك ان تشجيع الوالدين والمعلمين للطفل من اهم مقومات نجاحه وابداعه؛ فقيام والداه باخذه
الى رحلة استكشافية ما لتحفيز عقله، او الثناء عليه امام الاهل والاقارب او شراء قصة
ما وقراءتها معه ومناقشته بشانها وحثه على الاستكشاف والتفكير التحليلي جميعها وسائل هامة تشجع الطفل
على التميز والتطور الفكري؛ الا ان المبالغة في الثناء او الذم ليس الا هاوية يجب
الانتباه حتى لا يتم الوقوع فيها بغير قصد. فالثناء الزائد يجعل الطفل مدللا وزائد الثقة
بنفسه؛ وهو ما قد يؤدي به الى التراخي واهمال التزاماته وواجباته معتقدا انه الافضل حتى
وان اخطا. الاسوا من ذلك هو المبالغة في الذم لانها تدفع الصغير الى العمل الدءوب
لاثبات راي والديه فيه بانه عديم الجدوى وغير ناجح!

سابعا: ضرورة التنسيق والتواصل بين البيت والمدرسة

من الخطا ان يعتمد الوالدين على ما يقومان به فقط من دور كبير وخطير في
تربية اطفالهم دون الاهتمام بالتنسيق والتواصل مع المدرسة او دار الحضانة التي يتفاعل معها اطفالهم
بصورة يومية. فدور المعلم في المدرسة مهم للغاية بل ان احيانا يكون دوره في الصفوف
الاولى من التعليم اكثر تاثيرا من دور الوالدين نظرا لانبهار الطفل بمعلمه واعتباره الشخصية الاكثر
علما ومعرفة. وكان العالم النفسي والتربوي الامريكي المعروف “اليس بول تورانس” قد وجد في دراسة
له: ان المعلمون الذين يتصفون بالحماسة للابداع قد نجحوا في دفع تلاميذهم من الاطفال في
سن الحضانة والصفوف الابتدائية الى التفوق على اقرانهم ممن يشرف على تعليمهم مدرسون يفتقرون هذه
الحماسة.

ثامنا: الانضمام الى برامج تنمية الابداع

بدا في الاونة الاخيرة اتشار كبير لمراكز تنمية النشاط والابداع لدى الاطفال والطلاب حتى مراحل
ما قبل الجامعة. وتعمل تلك المراكز على اكتشاف مواهب روادها وتنميتها بشتى الطرق الممكنة من
عقد محاضرات و مسابقات تنافسية وورش عمل وغيرها. وفي كثير من الحالات يستطيع المدرب المتابع
للطفل في انشطته داخل المركز من توجيه الوالدين لمناطق القوة والضعف في قدرات ابنائهم عن
طريق بعض اختبارات الذكاء واختبارات تورانس للتفكير الابداعي واختبارات الرسم والتعبير. وقد اظهرت العديد من
الدراسات التربوية انه على الرغم من العلاقة الطردية بين نسبة الذكاء والقابلية للابداع الا ان
الدلائل المختلفة تشير الى ان هناك حالات يتميز فيها اشخاص بقابلية عالية للابداع بالرغم من
ضعف نسبة الذكاء لديهم.

تاسعا: ابعاد الطفل عن النزاعات الاسرية

ليس من المستبعد وجود بعض الخلافات في جهات النظر بين الوالدين سواء في طريقة التربية
او نوع الدراسة التي يرغبونها لطفلهم او حتى غير ذلك من المشكلات الاسرية؛ الا ان
عدم اقحام الطفل في مثل هذه المشكلات هو مفتاح الامان. اي انه ينبغي على الوالدين
التوصل الى حل مشكلاتهم بعيدا عن مسامع الطفل وتجنب اي محاولة من الطرفين لاستقطاب الصغير
والتاثير على رايه في مواجهة والده او والدته.

عاشرا: الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم

ولا يمكن ان نتحدث عن التنشئة التربوية دون ان نقتدي بهدي النبي صلى الله عليه
وسلم الذي كان رسولا ومربيا وداعية حث على رعاية الاسرة وتعليم الابناء القران والعلم والرياضة
والابداع من الكلم الطيب من شعر ونثر وكل اشكال الابداع الذي يتسم بالنقاء والايمان

السابق
تربية الشعر للشباب
التالي
صابونة البابايا