فالمحدث حدثا اصغر تجوز له قراءة القران باجماع العلماء، والافضل ان يكون متوضئا لها. قال
النووي ( اجمع المسلمون على جواز قراءة القران للمحدث، والافضل ان يتطهر لها)
اما مسه المصحف وحمله، فقد ذهب جمهور العلماء ومنهم الائمة الاربعة الى تحريم ذلك، وذهب
الحاكم وحماد وداود الظاهري الى جواز ذلك، وقولهم هذا مرجوح، فقد استدل الجمهور بقول الله
سبحانه ( انه لقران كريم* في كتاب مكنون* لا يمسه الا المطهرون تنزيل من رب
العالمين) [الواقعة: 77-80] قال النووي: ( فوصفه بالتنزيل وهذا ظاهر في ارادة المصحف الذي عندنا،
فان قالوا -اي المخالفين- المراد اللوح المحفوظ لا يمسه الا الملائكة المطهرون، ولهذا قال يمسه
بضم السين على الخبر، ولو كان المصحف لقال يمسه بفتح السين النهي، فالجواب ان قوله
تعالى: ( تنزيل ) ظاهر في ارادة المصحف، فلا يحمل على غيره الا بدليل صحيح
صريح، واما رفع السين فهو بلفظ الخبر، كقوله: (لا تضار والدة بولدها) على قراءة من
رفع، وقوله صلى الله عليه وسلم:” لا يبيع بعضكم على بيع بعض” باثبات الياء، ونظائره
كثيرة مشهورة وهو معروف في العربية. فان قالوا: لو اريد ما قلتم لقال: لا يمسه
الا المتطهرون، فالجواب انه يقال في المتوضئ مطهر ومتطهر) انتهى.
واستدل الجمهور ايضا بما كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم وفيه: ”
ان لا يمس القران الا طاهر”.
قال ابن تيمية: قال الامام احمد: (لا شك ان النبي صلى الله عليه وسلم كتبه
له، وهو ايضا قول سلمان الفارسي وعبد الله بن عمر وغيرهما، ولا يعلم لهما من
الصحابة مخالف) انتهى.
وقال النووي في المجموع ( واستدل اصحابنا بالحديث المذكور، وبانه قول علي وسعد بن ابي
وقاص وابن عمر رضي الله عنهم، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة) انتهى. وعلى هذا،
فلا يجوز لغير المتوضئ ان يمس المصحف او ان يحمله، سواء للحفظ او التعلم او
التلاوة، الا انه يجوز له ان يقرا من المصحف دون ان يمسه. قال ابن تيمية
( اذا قرا في المصحف او اللوح ولم يمسه جاز ذلك، وان كان على غير
طهور) انتهى.
كما يعلم انه يستثنى من ذلك الصبيان اثناء تعلمهم القران للضرورة لان طهارتهم لا تنحفظ،
وحاجتهم الى ذلك ماسة.
كما يجوز حمل المتاع وفي جملته المصحف لان القصد نقل المتاع، فعفي عما فيه من
القران.
والله اعلم