احلى مواضيع جديدة

افعل ما شئت كما تدين تدان

افعل ما شئت كما تدين تدان Ee96Cd40Ae5B2E5108899B4790A10527

افعل ما شئت كما تدين تدان Ee96Cd40Ae5B2E5108899B4790A10527

 

كما تدين تدان

قال ابو الدرداء -رضي الله عنه-: « البر لا يبلى، والاثم لا ينسى، والديان لا
ينام، فكن كما شئت، كما تدين تدان » [اخرجه احمد بن حنبل في «الزهد» برقم
(773) واسناده صحيح].

التعليق على الاثر:
• (البر): هو اسم جامع لكل خصال الخير والعمل الصالح… ومن اعظم هذه الاعمال الصالحة:
الاخلاق الحسنة، ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «البر: حسن الخلق» [رواه مسلم].

• (لا يبلى): يعني لا ينتهي ولا يفنى ولا يضيع؛ فلا يضيع اجر فاعله في
الاخرة ولا في الدنيا، ولا ينسى الناس معروفه، ولا بد ان يجازيه الله عليه بالخير
في الدنيا ولو بابعاده عن شر احاط به، لذلك قال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء و الافات و الهلكات، و اهل المعروف في الدنيا
هم اهل المعروف في الاخرة» [صحيح الجامع/3795].

لكن هنا تنبيه: لو قال احد (يجب ان افعل خيرا، لعل هؤلاء احتاج اليهم في
المستقبل)؛ فهذا خير مشبوه، ومعه اشراك بالله -عز وجل-، فعلينا ان نفعل خيرا من دون
ان ننتظر رده من احد، لكن نوقن اننا اذا فعلنا خيرا لابد ان نجد اثره
حتى في اصعب الظروف؛ فالله -عز وجل- يسوقه لنا (جزاء منه عطاء حسابا)، كما وعدنا
-سبحانه.

• (والاثم): وهو اسم جامع لكل خصال الشر والعمل الطالح السيء، ومن ذلك وصف الرسول
-صلى الله عليه وسلم- له بانه: «الاثم: ما حاك في صدرك وكرهت ان يطلع عليه
الناس» [رواه مسلم]، وفي حديث اخر: «الاثم: ما لم تسكن اليه النفس ولم يطمئن اليه
القلب، وان افتاك المفتون» [رواه احمد بسند صحيح].

• (لا ينسى): اي: لا ينساه الناس لك ولا ينساه الله -حاشاه-؛ فستجازى عليه وتحاسب
في الدنيا والاخرة؛ ولا يرفع هذا الا المسامحة والتوبة ورد الحقوق والتراجع، والا فان الله
لن يفلتك ﴿ جزاء وفاقا ﴾ [النبا: 26]؛ فقد يغنيك وينعم عليك ويغرك ما انت
فيه ثم تصاب بمصيبة لا تخرج منها الا وقد ذهب كل ما لديك حتى صحتك
واهلك واولادك -نسال الله العافية-… قال -تعالى-: ﴿ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها ﴾..
وهذا من رحمة الله بعباده فانه لا يجازيهم على السيئات باكثر منها، وعلى عكس ذلك
قال: ﴿ للذين احسنوا ﴾: الحسنى، وزيادة}.

• (والديان): وتشمل عدة معان؛ منها: انه صاحب الدين (القرض) الذي اقرضته واعطيته المال، وهنا
المعنى على المجاز؛ حيث شبه الذي يعمل البر او الاثم كانما هو يقرض الله قرضا
سيرده له ويسدده اياه.

ومنها: انه صاحب الدين (الجزاء) الذي يجازي كل بما كسب ويعفو عن كثير…

• (لا ينام): الله لا يغفل -حاشاه- عن رد هذا القرض وهو العدل وهو الكريم
الاكرم وهو الغني الوهاب وهو المعطي الجواد وهو الشكور الشاكر، وهو (الديان)…

وجاء في بعض روايات هذا الاثر: قوله (لا يموت) وهو ابلغ واشد من النوم؛ فالناس
قد تخشى القرض والاقراض لاحتمال ذهاب الحقوق وضياعها؛ فالله حي لا يموت ولا تضيع عنده
الحقوق؛ كما جاء في الحديث الشريف: «يحشر الله العباد يوم القيامة عراة غرلا بهما. قال:
قلنا: وما بهما؟ قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه
من قرب: انا الديان، انا الملك، لا ينبغي لاحد من اهل النار ان يدخل النار
وله عند احد من اهل الجنة حق حتى اقصه منه، ولا ينبغي لاحد من اهل
الجنة ان يدخل الجنة ولاحد من اهل النار عنده حق حتى اقصه منه حتى اللطمة.
قال: قلنا: كيف واننا ناتي عراة غرلا بهما؟ قال: بالحسنات والسيئات» [رواه احمد بسند حسن].

قال -تعالى-: ﴿ اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم ان الله سريع
الحساب ﴾ [غافر: 17].

• (فكن كما شئت): اي انت بالخيار بان تكون على الحال الذي تريد.. ان تكون
من اهل البر او من اهل الشر..

واعمل ما تشاء من الصالحات او من السيئات..

فالنتيجة يجب ان تكون على يقين منها، وهي:
• (كما تدين تدان): يعني: كما تفعل يفعل بك، وكما تجازي تجازى، وهو من قولهم:
“دنته بما صنع” اي: جازيته.

وهذه حكمة بليغة، وقاعدة عظيمة، جاءت الشواهد من الكتاب والسنة دالة على صدقها، فهي سنة
كونية جعلها الله عظة وعبرة للناس؛ ف(الجزاء من جنس العمل).

وكلما تاملنا في نصوص الوحي، وفي حوادث التاريخ، وفي سنن الله في ارضه؛ نجد انها
لا تتخلف عن هذه القاعدة (الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان)، وهذا من مقتضى
عدل الله وحكمته -سبحانه وتعالى-، فمن عاقب بجنس الذنب لم يظلم، ومن دانك بما دنته
به لم يتجاوز:
فلا تجزعن من سنة انت سرتها
واول راضي سنة من يسيرها

وكما انها لا تختص بالجانب السيئ والعمل الطالح -فقط-، بل هي تشمل الجانب الحسن والعمل
الصالح؛ ولذلك قال -تعالى-: ﴿ هل جزاء الاحسان الا الاحسان‎ ﴾… وادلة هذه القاعدة وشواهدها
كثيرة في الكتاب والسنة، بل عليها مدار العمل ومناط الجزاء عموما.

والحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/58743/#ixzz3abUJ5rLE

السابق
تهاني العيد 2024
التالي
شعر العيون الكحيله