اقتربت الساعة و انشق القمر (1) و ان يروا ايه يعرضوا و يقولوا سحر مستمر (2) و كذبوا و اتبعوا اهواءهم و جميع امر مستقر (3) و لقد جاءهم من الانباء ما به مزدجر (4)
القمر
التعريف بسورة القمر
هذه السورة من مطلعها الى ختامها حمله رعيبه مفزعه عنيفه على قلوب المكذبين بالنذر ,
بقدر ما هي طمانينه عميقه و ثيقه للقلوب المؤمنه المصدقة .
وهي مقسمه الى حلقات متتابعة ,
كل حلقه منها مشهد من مشاهد التعذيب للمكذبين ,
ياخذ السياق فختامها بالحس البشرى فيضغطة و يهزة و يقول له:(فكيف كان عذابي و نذر ?).
.
ثم يرسلة بعد الضغط و الهز و يقول له:(ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر ?).
ومحتويات السورة الموضوعيه و ارده فسور مكيه شتي .
فهي مشهد من مشاهد القيامه فالمطلع ,
ومشهد من هذي المشاهد فالختام .
وبينهما عرض سريع لمصارع قوم نوح .
وعاد و ثمود .
وقوم لوط .
وفرعون و ملئة .
وكلها موضوعات تزخر فيها السور المكيه فصور شتي .
.
ولكن هذي الموضوعات ذاتها تعرض فهذه السورة عرضا خاصا ,
يحيلها حديثة جميع الجده .
فهي تعرض عنيفه عاصفه ,
وحاسمه قاصمه ; يفيض منها الهول ,
ويتناثر حولها الرعب ,
ويظللها الدمار و الفزع و الانبهار !
واخص ما يميزها فسياق السورة ان كلا منها يمثل حلقه عذاب رهيبه سريعة لاهثه مكروبه .
يشهدها المكذبون ,
وكانما يشهدون انفسهم بها ,
ويحسون ايقاعات سياطها .
فاذا انتهت الحلقه و بداوا يستردون انفاسهم اللاهثه المكروبه عاجلتهم حلقه حديثة اشد هولا و رعبا .
.
وهكذا حتي تنتهى الحلقات السبعه فهذا الجو المفزع الخانق .
فيطل المشهد الاخير فالسورة .
واذا هو جو احدث ,
ذو ظلال ثانية .
واذا هو الامن و الطمانينه و السكينه .
انة مشهد المتقين:(ان المتقين فجنات و نهر .
فى مقعد صدق عند مليك مقتدر).
.
فى و سط هذا الهول الراجف ,
والفزع المزلزل ,
والعذاب المهين للمكذبين:(يوم يسحبون فالنار على و جوههم ذوقوا مس سقر).
.
فاين و اين ? مشهد من مشهد ? و مقام من مقام ? و قوم من قوم ? و مصير من مصير ?
الدرس الاول:1 – 8 انشقاق القمر و تكذيب الكفار و تهديدهم
اقتربت الساعة و انشق القمر .
وان يروا ايه يعرضوا و يقولوا:سحر مستمر .
وكذبوا و اتبعوا اهواءهم و جميع امر مستقر .
ولقد جاءهم من الانباء ما به مزدجر .
حكمه بالغه فما تغنى النذر .
فتول عنهم يوم يدعو الداعى الى شيء نكر .
خشعا ابصارهم يظهرون من الاجداث كانهم جراد منتشر .
مهطعين الى الداعى يقول الكافرون:هذا يوم عسر .
.
مطلع باهر مثير ,
علي حادث كوني كبير ,
وارهاص بحادث اكبر .
لا يقاس الية هذا الحدث الكوني الكبير:
(اقتربت الساعة و انشق القمر).
.
فيا له من ارهاص !
ويا له من خبر .
ولقد راوا الحدث الاول فلم يبق الا ان ينتظروا الحدث الاكبر .
والروايات عن انشقاق القمر و رؤية العرب له فحالة انشقاقة اخبار متواتره .
تتفق كلها فاثبات و قوع الحادث ,
وتختلف فروايه هيئتة تفصيلا و اجمالا:
من روايه انس بن ما لك – رضى الله عنه – .
.
قال الامام احمد:حدثنا معمر ,
عن قتاده ,
عن انس ابن ما لك قال:سال اهل مكه النبى [ ص ] ايه .
فانشق القمر بمكه مرتين فقال:(اقتربت الساعة و انشق القمر).
.
وقال البخاري:حدثنى عبد الله بن عبد الوهاب .
حدثنا بشر بن المفضل ,
حدثنا سعيد بن ابي عروه ,
عن قتاده ,
عن انس بن ما لك .
ان اهل مكه سالوا رسول الله [ ص ] ان يريهم ايه .
فاراهم القمر شقين حتي راو حراء بينهما .
واخرجة الشيخان من طرق ثانية عن قتاده عن انس .
.
ومن روايه جبير بن مطعم – رضى الله عنه – .
.
قال الامام احمد:حدثنا محمد بن كثير ,
حدثنا سليمان ابن كثير ,
عن حصين بن عبد الرحمن ,
عن محمد بن جبير بن مطعم ,
عن ابية قال:انشق القمر على عهد رسول الله [ ص ] فصار فلقتين .
فلقه على ذلك الجبل و فلقه على ذلك الجبل ,
فقالوا:سحرنا محمد ,
فقالوا:ان كان سحرنا فانه لا يستطيع ان يسحر الناس كلهم .
.
تفرد فيه احمد من ذلك الوجة .
.
واسندة البيهقى فالدلائل من طريق محمد بن كثير عن اخية سليمان بن كثير ,
عن حصين بن عبد الرحمن .
.
ورواة ابن جرير و البيهقى من طرق ثانية عن جبير بن مطعم ايضا .
.
ومن روايه عبد الله بن عباس – رضى الله عنه – .
.
قال البخاري:حدثنا يحيي بن كثير ,
حدثنا بكر ,
عن جعفر ,
عن عراك بن ما لك ,
عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبه ,
عن ابن عباس ,
قال:انشق القمر فزمان النبى [ ص ] .
.
ورواة البخارى كذلك و مسلم من طريق احدث عن عراك بسندة السابق الى ابن عباس .
.
وروي ابن جرير من طريق ثانية الى على بن ابي طلحه عن ابن عباس قال:قد مضي هذا ,
كان قبل الهجره ,
انشق القمر حتي راوا شقية .
.
وروي العوفى عن ابن عباس نحو ذلك .
.
وقال الطبرانى بسند احدث عن عكرمه عن ابن عباس قال:كسف القمر على عهد رسول الله [ ص ] فقالوا:سحر القمر ,
فنزلت:(اقتربت الساعة و انشق القمر)- الى قوله:(مستمر).
ومن روايه عبد الله بن عمر – رضى الله عنهما -:قال الحافظ ابو بكر البيهقي:اخبرنا ابو عبد الله الحافظ ,
وابو بكر احمد بن الحسن القاضى ,
قالا:حدثنا ابو العباس الاصم ,
حدثنا العباس بن محمد الدورى ,
حدثنا و هب بن جرير ,
عن شعبه ,
عن الاعمش ,
عن مجاهد ,
عن عبد الله بن عمر فقوله تعالى:(اقتربت الساعة و انشق القمر)قال:وقد كان هذا على عهد رسول الله [ ص ] انشق فلقتين فلقه من دون الجبل و فلقه خلف الجبل .
فقال النبى [ ص ]:” اللهم اشهد ” .
.
وهكذا رواة مسلم و الترمذى من طرق عن شعبه عن الاعمش عن مجاهد .
.
- اقتربت الساعه و انشق القمر