قال السيوطى فاسباب النزول : روي احمد من حديث ابي هريره قال : قدم رسول الله – صلى الله عليه و سلم – المدينه و هم يشربون الخمر و ياكلون الميسر ،
فسالوا رسول الله – صلى الله عليه و سلم – عنهما فانزل الله : ( يسالونك عن الخمر و الميسر ) الايه ،
فقال الناس : ما حرم علينا انما قال : ( اثم كبير ) و كانوا يشربون الخمر حتي كان يوم من الايام صلى رجل من المهاجرين ام اصحابة فالمغرب فخلط فقراءتة ،
فانزل الله ايه اغلظ منها ( يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة و انتم سكاري ) ( 4 : 43 ) الايه ،
ثم نزلت ايه اغلظ من هذا [ ص: 256 ] ( يا ايها الذين امنوا انما الخمر و الميسر و الانصاب و الازلام رجس من عمل الشيطان ) – الى قوله : ( فهل انتم منتهون ) ( 5 : 90 – 91 ) قالوا : انتهينا ربنا .
وقال ( الجلال ) فتفسير ايه البقره : انها لما نزلت شربها قوم و امتنع اخرون حتي نزلت ايه المائده .
وهو مخالف للاطلاق الذي نقلناة انفا عن كتاب سبب النزول له .
وروي احمد و ابو داود و الترمذى – و صححة – و النسائي و غيرهم عن عمر انه قال : ( ( اللهم بين لنا فالخمر بيانا شافيا فانها تذهب بالمال و العقل ) ) فنزلت هذي الايه ،
فدعى عمر فقرئت عليه فقال : ( ( اللهم بين لنا فالخمر بيانا شافيا ) ) فنزلت الايه التي فسورة النساء ( يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة و انتم سكاري ) فكان ينادى رسول الله – صلى الله عليه و سلم – اذا قام الى الصلاة : ( ( ان لا يقربن الصلاة سكران ) ) فدعى عمر فقرئت عليه ،
فقال : ( ( اللهم بين لنا فالخمر بيانا شافيا ) ) فنزلت الايه التي فالمائده ،
فدعى عمر فقرئت عليه .
فلما بلغ ( فهل انتم منتهون ) قال عمر : ( ( انتهينا انتهينا ) ) .
ولا يتوقف فهم معني الايات على شيء من هذي الروايات ،
ويظهر من مجموعها ان القطع بتحريم الخمر و النهى عنها كان بعد تمهيد بالذم و النهى عن السكر فحال قرب الصلاة ،
واوقات الصلوات متقاربه فمن ينهي عن قرب الصلاة و هو سكران ،
فلا بد ان يتجنب السكر فاكثر الاوقات لئلا تحضرة الصلاة و هو سكران ،
وهو الذي تدل عليه الجمله الحاليه ( و انتم سكاري ) التي قيد فيها النهى كما سنبينة فتفسير الايه من سورة النساء ،
وفى ذلك من الحكمه فالتدرج بالتكليف ما لا يخفي .
قال القفال : و الحكمه فو قوع التحريم على ذلك الترتيب ان الله تعالى علم ان القوم كانوا ربما الفوا شرب الخمر ،
وكان انتفاعهم فيها كثيرا ،
فعلم الله انه لو منعهم دفعه واحده لشق عليهم،
فلا جرم ان استخدم فالتحريم ذلك التدريج و ذلك الرفق .
والذى كان يتبادر – لولا الروايات – ان ايه سورة النساء هي التي نزلت اولا ،
فكانوا يمتنعون عن الشرب فاكثر الاوقات لئلا تفوتهم الصلاة ،
واما ايه المائده فلا شك انها احدث ما نزل; لانها اكدت النهى ،
وبينت عله التحريم بالتعيين ،
علي ان السورة برمتها من احدث السور نزولا .