فضل شهر شعبان

فضائل شهر شعبان

فضل شهر شعبان a6295655bd7f12ac99cb6cac4ebb0b80

ان الحمد لله تعالى،
نحمدة و نستعين فيه و نستغفره،
ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا،
وسيئات اعمالنا،
من يهد الله تعالى فلا مضل له،
ومن يضلل فلا هادى له،
واشهد ان لا الة الا الله و حدة لا شريك له،
واشهد ان محمدا عبدة و رسوله.


{ يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاتة و لا تموتن الا و انتم مسلمون }


[ال عمران:102].


{ يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون فيه و الارحام ان الله كان عليكم رقيبا } [النساء:1].


{ يا ايها الذين امنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا * يصلح لكم اعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسولة فقد فاز فوزا عظيما } [الاحزاب:70-71].


اما بعد: فان اصدق الحديث كتاب الله تعالى،
واقوى الهدى هدى محمد صلى الله عليه و الة و سلم،
وشر الامور محدثاتها،
وكل محدثه بدعة،
وكل بدعه ضلالة،
وكل ضلاله فالنار.

ايها الاخوه الاحباب :


اخرج الامام النسائي فسننة عن اسامه بن زيد ،

قال : قلت : يا رسول الله ،

لم ارك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ،

قال : ” هذا شهر يغفل الناس عنه بين رجب و رمضان ،

وهو شهر ترفع به الاعمال الى رب العالمين ،

فاحب ان يرفع عملى و انا صائم ” ([1])0

قال الامام ابن رجب الحنبلي رحمة الله:


وفي ذلك الحديث فؤائد:


احدهما: انه شهر يغفل الناس عنه بين رجب و رمضان،
يشير الى انه لما اكتنفة شهران عظيمان الشهر الحرام و شهر الصيام اشتغل الناس بهما عنه،
فصار مغفولا عنه.


وفى قوله: (يغفل الناس عنه بين رجب و رمضان) اشاره الى ان بعض ما يشتهر فضلة من الازمان او الاماكن او الاشخاص ربما يصبح غيرة اروع منه،
اما مطلقا او لخصوصيه به لا يتفطن لها اكثر الناس فيشتغلون بالمشهور عنه،
ويفوتون تحصيل فضيله ما ليس بمشهور عندهم0


وفيه: دليل على استحباب عماره اوقات غفله الناس بالطاعة،
وان هذا محبوب لله عز و جل،
كما كان طائفه من السلف .

ثم قال رحمة الله :

وفى احياء الوقت المغفول عنه بالطاعه فوائد:

الفوائد الاولى:


انة يصبح اخفى،
واخفاء النوافل و اسرارها افضل.
لا سيما الصيام فانه سر بين العبد و ربه.
ولهذا قيل: انه ليس به رياء.


وقد صام بعض السلف اربعين سنه لا يعلم فيه احد،
كان يظهر من بيته الى سوقة و معه رغيفان فيتصدق بهما و يصوم،
فيظن اهلة انه اكلهما و يظن اهل السوق انه طعام فبيته.


وكانوا يستحبون لمن صام ان يخرج ما يخفى فيه صيامه


فعن ابن مسعود: انه قال: اذا اصبحتم صياما فاصبحوا مدهنين.


وقال قتادة: يستحب للصائم ان يدهن حتي تذهب عنه غبره الصيام.


وقال ابو التياح: ادركت ابي و مشيخه الحى اذا صام احدهم ادهن و لبس صالح ثيابه.

الفوائد الثانية:


انة اشق على النفوس،
واروع الاعمال اشقها على النفوس،
وسبب هذا ان النفوس تتاسي بما تشاهد من احوال ابناء الجنس،
فاذا كثرت يقظه الناس و طاعاتهم كثر اهل الطاعه لكثرة المقتدين بهم فسهلت الطاعات،
واذا كثرت الغفلات و اهلها تاسي بهم عموم الناس،
فيشق على نفوس المستيقظين طاعاتهم لقله من يقتدون بهم فيها،
ولهذا المعني قال النبى صلى الله عليه و سلم :(للعامل منهم اجر خمسين منكم،
انكم تجدون على الخير اعوانا و لا يجدون).

الفوائد الثالثة:


ان المفرد بالطاعه من اهل المعاصى و الغفله ربما يدفع البلاء عن الناس كلهم،
فكانة يحميهم و يدافع عنهم([2]).


قال العلماء: و رفع الاعمال على ثلاث درجات :


الدرجه الاولى: رفع يومي و يصبح هذا فصلاه الصبح و صلاه العصر و هذا لما رواة البخاري و مسلم عن ابي هريره : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ” يتعاقبون فيكم ملائكه بالليل و ملائكه بالنهار ،

ويجتمعون فصلاه الفجر و صلاه العصر ،

ثم يعرج الذين باتوا فيكم ،

فيسالهم و هو اعلم بهم : كيف تركتم عبادى ؟

فيقولون : تركناهم و هم يصلون ،

واتيناهم و هم يصلون “([3])0


الدرجه الثانية:رفع اسبوعي و يصبح فيوم الخميس و هذا لما رواة الامام احمد فمسندة بسند حسن


عن ابي هريره ،

قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ” ان اعمال بنى ادم تعرض جميع خميس ليلة الجمعة ،

فلا يقبل عمل قاطع رحم “([4])0


الدرجه الثالثة : رفع سنوي و يصبح هذا فشهر شعبان و هذا لما رواة النسائي عن اسامه بن زيد ،

قال : قلت : يا رسول الله ،

لم ارك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ،

قال : ” هذا شهر يغفل الناس عنه بين رجب و رمضان ،

وهو شهر ترفع به الاعمال الى رب العالمين ،

فاحب ان يرفع عملى و انا صائم ” ([5]) .

وقال الامام ابن الجوزي رحمة الله:


واعلم ان الاوقات التي يغفل الناس عنها معظمه القدر لاشتغال الناس بالعادات و الشهوات ،

فاذا ثابر عليها طالب الفضل دل على حرصة على الخير .

ولهذا فضل شهود الفجر فجماعة لغفله كثير من الناس عن هذا الوقت ،

وفضل ما بين العشاءين و فضل قيام نص الليل و وقت السحر([6]) .



وقال الامام ابن رجب الحنبلي رحمة الله:


“قيل فصوم شعبان ان صيامة كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل فصوم رمضان على مشقه و كلفة،
بل يصبح ربما تمرن على الصيام و اعتادة و وجد بصيام شعبان قبلة حلاوه الصيام و لذتة فيدخل فصيام رمضان بقوه و نشاط.


ولما كان شعبان كالمقدمه لرمضان شرع به ما يشرع فرمضان من الصيام و قراءه القران ليحصل التاهب لتلقى رمضان و ترتاض النفوس بذلك على طاعه الرحمن.


قال سلمه بن كهيل: كان يقال: شهر شعبان شهر القراء،
وكان حبيب بن ابي ثابت اذا دخل شعبان قال: ذلك شهر القراء .



وكان عمرو بن قيس الملائى اذا دخل شعبان اغلق حانوتة و تفرغ لقراءه القران([7]).

وقال الامام ابن القيم -رحمة الله- و فصومة -صلي الله عليه و سلم- اكثر من غيرة ثلاث معان:


احدها: انه كان يصوم ثلاثه ايام من جميع شهر،
فربما شغل عن الصيام اشهرا،
فجمع هذا فشعبان؛
ليدركة قبل الصيام الفرض.


الثاني: انه فعل هذا تعظيما لرمضان،
وهذا الصوم يشبة سنه فرض الصلاة قبلها تعظيما لحقها.


الثالث: انه شهر ترفع به الاعمال؛
فاحب النبى -صلي الله عليه و سلم- ان يرفع عملة و هو صائم([8]) .

قال الامام ابن رجب الحنبلي رحمة الله:


فان قيل: فكيف كان النبى صلى الله عليه و سلم يخص شعبان بصيام التطوع به مع انه قال: (اروع الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم) ؟
.


فالجواب: ان جماعة من الناس اجابوا عن هذا باجوبه غير قويه لاعتقادهم ان صيام المحرم و الاشهر الحرم اروع من شعبان،
كما صرح فيه الشافعيه و غيرهم.
والاظهر خلاف هذا و ان صيام شعبان اروع من صيام الاشهر الحرم.


ويدل على هذا ما خرجة الترمذى من حديث انس سئل النبى صلى الله عليه و سلم : اي الصيام اروع بعد رمضان ؟

قال: (شعبان تعظيما لرمضان) و فاسنادة مقال([9]).

وقال رحمة الله:


فان قيل: فقد قال النبى صلى الله عليه و سلم : (اروع الصيام صيام داود كان يصوم يوما و يفطر يوما) و لم يصم ايضا بل كان يصوم سردا و يفطر سردا و يصوم شعبان و جميع اثنين و خميس ؟



قيل: صيام داود الذي فضلة النبى صلى الله عليه و سلم على الصيام،
قد فسرة النبى صلى الله عليه و سلم فحديث اخر،
بانة صوم شطر الدهر و كان صيام النبى صلى الله عليه و سلم اذا جمع يبلغ نص الدهر او يزيد عليه.
وقد كان يصوم مع ما سبق ذكرة يوم عاشوراء او تسع ذى الحجة.


وانما كان يفرق صيامة و لا يصوم يوما و يفطر يوما لانة كان يتحري صيام الاوقات الفاضلة.
ولا يضر تفريق الصيام و الفطر اكثر من يوم.
ويوم اذا كان القصد فيه التقوي على ما هو اروع من الصيام من اداء الرساله و تبليغها و الجهاد عليها و القيام بحقوقها.


فكان صيام يوم و فطر يوم يضعفة عن ذلك،
ولهذا سئل النبى صلى الله عليه و سلم فحديث ابي قتاده عمن يصوم يوما و يفطر يومين ؟

قال: (وددت انني طوقت ذلك)


وقد كان عبدالله بن عمرو بن العاص لما كبر يسرد الفطر احيانا ليتقوي فيه على الصيام،
ثم يعود فيصوم ما فاتة محافظة على ما فارق عليه النبى صلى الله عليه و سلم من صيام شطر الدهر،
فحصل للنبى صلى الله عليه و سلم اجر صيام شطر الدهر و ازيد منه بصيامة المتفرق،
وحصل له اجر تتابع الصيام بتمنية لذلك،
وانما عاقة عنه الاشتغال بما هو اهم منه و افضل.
والله اعلم([10]).

حال النبي صلى الله عليه و سلم فشهر شعبان و ذكر شئ من فضائله:


عن ابي سلمه ،

ان عائشه رضى الله عنها ،

حدثتة قالت : لم يكن النبى صلى الله عليه و سلم يصوم شهرا اكثر من شعبان ،

فانة كان يصوم شعبان كله ” ([11])0


عن عائشه ام المؤمنين رضى الله عنها انها قالت : ” كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم حتي نقول : لا يفطر ،

ويفطر حتي نقول : لا يصوم ،

وما رايت رسول الله صلى الله عليه و سلم استكمل صيام شهر قط الا رمضان و ما رايتة فشهر اكثر منه صياما فشعبان “([12])0


قال الامام ابن حجر رحمة الله: “وفى الحديث دليل على فضل الصوم فشعبان”([13]).


وقال الامام ابن رجب الحنبلي رحمة الله: “واما صيام النبى صلى الله عليه و سلم من اشهر السنه فكان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيرة من الشهور”([14])0


وقال الامام الصنعانى رحمة الله: “وفية دليل على انه يخص شعبان بالصوم اكثر من غيره”([15])0


وعن ابي سلمه ،

قال : سالت عائشه رضى الله عنها ،

عن صيام رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

فقالت : ” كان يصوم حتي نقول : ربما صام و يفطر حتي نقول : ربما افطر ،

ولم ارة صائما من شهر قط ،

اكثر من صيامة من شعبان كان يصوم شعبان كله ،

كان يصوم شعبان الا قليلا ” ([16])0


وعن عائشه رضى الله عنها ،

قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم فالشهر من السنه اكثر صياما منه فشعبان “([17]).

احاديث عطره ففضل صيام التطوع :


عن ابي سعيد الخدرى رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه و سلم


قال:” لا يصوم عبد يوما فسبيل الله الا باعد الله بذلك اليوم و جهة عن النار سبعين خريفا “([18])0


وعن ابي امامه رضى الله عنه قال : قلت :يا رسول الله مرنى بعمل ينفعنى الله فيه قال: “عليك بالصوم فانه لا عدل له “وفى روايه قال صلى الله عليه و سلم: ” عليك بالصيام فانه لا كله”([19])0


وعن حذيفه رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :” من ختم له بصيام يوم دخل الجنه ” ([20]).


قال الامام المناوي: ” اي من ختم عمرة بصيام يوم بان ما ت و هو صائم او بعد فطرة من صومة دخل الجنه مع السابقين الاولين ،

او من غير سبق عذاب ([21]).


وعن عبدالله بن عمرو رضى الله عنهما ان النبى صلى الله عليه و سلم


قال : ” الصيام و القران يشفعان للعبد يوم القيامه ،

يقول الصيام : اي رب منعتة الاكل و الشهوة ،

فشفعنى به ،

ويقول القران : رب منعتة النوم بالليل فشفعنى به ،

قال: فيشفعان ” ([22])0

  • فضل شهر شعبان


فضل شهر شعبان