قال الله تعالى

قال الله تعالى 19357619116b47253c65b92e3d51b8e6

 

شرح الحديث القدسي: ((قال الله تعالى: يا ابن ادم انك ما دعوتنى و رجوتني…))قال فضيله الشيخ صالح بن عبدالعزيز ال الشيخ حفظة الله تعالى:

عن انس بن ما لك – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم -: ))قال الله تعالى: يا ابن ادم انك ما دعوتنى و رجوتنى غفرت لك على ما كان منك و لا ابالي،
يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء بعدها استغفرتنى غفرت لك،
يا ابن ادم انك لو اتيتنى بقراب الارض خطايا بعدها لقيتنى لاتشرك بى شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة((


رواة الترمذى و قال: حديث حسن ([1])

قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم -: ((قال الله تعالى: يا ابن ادم)) المقصود بابن ادم هنا: المسلم الذي اتبع رساله الرسول الذي ارسل اليه,
فمن اتبع رساله موسي – عليه السلام – فزمنة كان منادي بهذا النداء,
ومن اتبع رساله عيسي – عليه السلام –  فى زمنة نادي بهذا النداء,
وبعد بعثه محمد – صلى الله عليه و سلم – الذي يحظي على ذلك الاجر و على ذلك الفضل و الثواب هو من اتبع المصطفى – صلى الله عليه و سلم -,
واقر له بختم رسالة,
وشهد له بالنبوه و الرسالة,
واتبعة على ما جاء. الشرح

قال – جل جلالة -: ((يا ابن ادم انك ما دعوتنى و رجوتنى غفرت لك على ما كان منك و لا ابالي)),
وهذه الجمله فمعني قول الله – عز و جل -: ﴿قل يا عبادى الذين اسرفوا علىٰ انفسهم لا تقنطوا من رحمه الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم﴾ [الزمر: ٥٣],
فالعبد اذا اذنب و سارع الى التوبة,
ودعا الله – جل جلالة – ان يغفر له,
ورجا ما عند الله – عز و جل -؛
فانة يغفر له على ما كان منه من الذنوب مهما كانت بالتوبة؛
لان التوبه تجب ما قبلها؛
كما قال النبى – صلى الله عليه و سلم -: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)) ([2]).

وقوله: ((انك ما دعوتنى و رجوتني)) به ان الدعاء مع الرجاء موجبان لمغفره الله – عز و جل -,
وهنالك من يدعو و هو ضعيف الظن بربه,
لا يحسن الظن بربه,
وقد ثبت فالصحيح ان النبى – صلى الله عليه و سلم – قال: ((قال الله عز و جل انا عند ظن عبدى بى فليظن بى ما شاء)) ([3]),
والعبد اذا دعا الله – جل جلالة – مستغفرا لذنبه,
ويرجو من الله ان يغفر له,
ومستحضرا ان فضل الله عظيم,
وعظم رجاؤة بالله,
وايقن ان الله – جل جلالة – سيغفر له,وعظم هذا فقلبه,
حصل له مطلوبه؛
لان فذلك احسان الظن بالله,
واعظام الرغب بالله – جل جلالة -,
والعبد المذنب حين طلبة المغفره و قبول التوبه تجتمع عليه عبادات قلبية كثيرة توجب مغفره الذنوب,
فضلا من الله – جل جلالة – و تكرما.

قال: ((غفرت لك)) و المغفرة: غفر الشيء بمعني ستره,
فهي ستر الذنب و ستر اثر الذنب فالدنيا و الاخرة,
والمغفره غير العفو و غير التوبة؛
فان الله – جل جلالة – من اسماءة العفو,
ومن اسمائة الغافر و الغفار و الغفور,
ومن اسمائة التواب,
وهذه تختلف؛
ليس معناها واحدا,
بخلاف من قال: ان معني العفو و المغفره واحد,
والعفو و الغفور معناهما واحد.
هذا ليس بصحيح,
بل الجهه تختلف و المعني به نوع اختلاف مع ان بينهما اشتراكا.

  •     فالعفو هو: عدم المؤاخذه بالجريرة,
    فقد يسيء و سيئتة توجب العقوبة,
    فاذا لم يؤاخذ صارت عدم مؤاخذتة بذلك عفوا.
  •     واما المغفره  فهي: ستر الذنوب او ستر اثر الذنوب,
    وهذا جهه ثانية غير تلك؛
    لان تلك بها المعاقبه او ترك المعاقبه على الفعل,
    وهذه بها الستر دون تعرض للعقوبة.
  •     والتواب هو: الذي يقبل التوبه عن عباده,
    ومعني هذا انه يمحو الذنب و لا يؤاخذ بالسيئات اذا تاب العبد و اتي بالاسباب التي تمحو عنه السيئات,
    فهذه ثلاثه اسماء من اسماء الله الحسنى: (العفو),
    (الغفور),
    (التواب),
    لكل اسم دلالتة غير ما يدل عليه الاسم الاخر.

والمقصود من ستر الذنب ان يستر الله – جل جلالة – اثرة فالدنيا و الاخرة,
واثر الذنب فالدنيا العقوبه عليه,
واثر الذنب فالاخره العقوبه عليه,
فمن استغفر الله – جل جلالة – غفر الله له,
يعني: من طلب ستر الله عليه فاثر ذنبة فالدنيا و الاخره ستر الله عليه اثر الذنب,
اى حجب عنه العقوبه فالدنيا و الاخرة.

قال: ((يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء)) يعني: من كثرتها و تراكمها بلغت عنان السماء,
اي: السحاب العالي.

قال: ((ثم استغفرتنى غفرت لك)) و ذلك مما يجعل العبد المنيب يحب ربة – جل جلالة – اعظم محبة؛
لان الله العظيم الذي له صفات الجلال و الجمال و الكمال,
والذى له ذلك الملكوت كله,
وهو على جميع شيء قدير,
وعلي جميع شيء و كيل,
من عظيم صفاتة و جليل النعوت و الاسماء يتودد الى عبدة بهذا التودد,
لا شك ان ذلك يجعل القلب محبا لربة – عز و جل -,
متذللا بين يديه,
مؤثرا مرضاه الله على مرضاه غيرة – سبحانة و تعالى -.

قال: ((يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء بعدها استغفرتنى غفرت لك)) و ذلك به الحث على طلب المغفرة؛
فانك اذا اذنبت فاستغفرت,
فقد ثبت فالحديث ان النبى – صلى الله عليه و سلم – قال: ((ما اصر من استغفر و ان عاد فاليوم سبعين مرة)) ([4]),
فمع الاستغفار و الندم يمحو الله – جل جلالة – الخطايا.

قال: ((يا ابن ادم انك لو اتيتنى بقراب الارض خطايا بعدها لقيتنى لاتشرك بى شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة)) يعني: لو جاء ابن ادم بملء الارض خطايا,
ثم لقى الله – جل جلالة – مخلصا له الدين لا يشرك  فيه شيئا,
لا جليل الشرك و لا صغار و لا خفيه؛
بل قلبة مخلص لله – عز و جل -,
ليس به سوي – عز و جل -,
وليس به رغب الا الى الله – عز و جل -,
وليس به رجاء الا رجاء الله – عز و جل -,
لا يشرك فيه شيئا باى نوع من نوعيات الشرك؛
فان الله – جل جلالة – يغفر الذنوب جميعا,
قال سبحانه:  ((ثم لقيتنى لاتشرك بى شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة)) يعني بملء الارض مغفرة,
وهذا من عظيم رحمه الله – جل جلالة – بعباده,
واحسانة لهم.

  المصدر: شرح الاربعين النوويه [الحديث الثاني و الاربعون] ص [533-537]- طبعه دار العاصمة.


قال الله تعالى