العدل والمساواة بين الناس من اهم الدروس المستفادة من سيرة النبى صلى الله عليه وسلم،
فالعدل من اهم دعائم بناء اى دولة وسبب لنصرتها، فالله عز وجل ينصر الدول العادلة
ولو كانت كافرة، ويخزل الدول الظالمة ولو كانت مسلمة.
عن ذلك يقول الدكتور مصطفى مراد الاستاذ بكلية الدعوة جامعة الازهر: لقد اقام النبى صلى
الله عليه وسلم قواعد مجتمعة على قواعد جمة بها صلاح العباد فى العاجل والاجل، وبها
سعادة النفوس والاجساد والشباب والشيوخ والاطفال، ومن اهم هذه القواعد قاعدة العدل، فقد امره ربه
سبحانه وتعالى ان يحكم بالعدل بين الناس، سواء اكانوا مسلمين او غير مسلمين فقال سبحانه
وتعالي: «واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل»، وهذه القاعدة نراها تطبق على اكبر راس
فى الدولة، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى اصغر فرد، ففى الحديث الصحيح
ان النبى صلى الله عليه وسلم كان عليه دين من تمر لرجل من بنى ساعدة،
فاتاه يقضيه، فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الانصار ان يقضيه فقضاه
تمرا دون تمره فابى ان يقبله، فقال: اترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال: نعم، ومن احق بالعدل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاكتحلت عين رسول
الله صلى الله عليه وسلم بدموعه ثم قال: «صدق. من احق بالعدل مني، لا قدس
الله امة لا ياخذ ضعيفها حقه من شديدها وهو لا يتعتعه»، اى يتمكن منه وياخذ
حقه بقوة.
ويضيف: كان صلى الله عليه وسلم يمنع ويدفع كل اسلوب او وسيلة تصرف الناس عن
المساواة بينهم فى الثواب والعقاب والحقوق والواجبات، فعندما سرقت المراة المخزومية وهى الحسيبة الشريفة النسيبة،
وطلبت من الصحابة ان يشفعوا لها حتى لا يقام عليها الحد، حتى رفعوا الامر الى
اسامة بين زيد رضى الله عنهما، فكلم النبى صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله
عليه وسلم: «اتشفع فى حد من حدود الله؟ ثم قام فخطب فقال: ياايها الناس انما
ضل من كان قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه، واذا سرق فيهم الضعيف
اقاموا عليه الحد، وايم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها»، فالاسلام
لا يفرق بين احد من الناس ايا كان قدره ومنصبه وجنسه، لان الكل فى الاسلام
سواء، فالناس سواسية كاسنان المشط، وهذا الحديث يبين ان تطبيق العدل على ارض الواقع يثمر
الامن والامان والسلم والسلام والراحة والاستقرار، ويقوض عروش الظالمين، ويرحم المستضعفين، ويبعد عن الامة التطرف
والانحراف والتشدد لان الافكار الضالة، والمعتقدات الباطلة غالبا تنشا كرد فعل لظلم، وهذا الخلق النبوى
العدل كفيل وحده برقى الامة وتقدمها وسعادتها على مستوى الحاكم والمحكوم، لذلك عندما طبقه الاوائل
راينا الحاكم ينام فى الشارع تحت شجرة امنا مطمئنا، وهذا واضح عندما اتى الامير الرومى
وسال عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقالوا له ان عمر نائم تحت هذه
الشجرة، فذهب الامير متعجبا مبهورا لانه لم يجد حرسا، ولا عيونا فقال قولته الشهيرة: «حكمت
فعدلت فامنت فنمت ياعمر».
واشار د. مصطفى مراد الى ان النبى صلى الله عليه وسلم كان اعدل الناس، فكان
يساوى بين الناس فى الحقوق والواجبات، والثواب والعقاب، فعندما قام ليصف الناس فى يوم بدر
راى رجلا يقال له سواد قد تقدم عن الصف فدفعه ليستوى فى الصف، وقال: استو
فى الصف يا سواد، فقال: اوجعتنى يارسول الله، وقد بعثك الله بالحق والعدل فاقدني، قال:
فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، فقال: استقد، قال فاعتنقه وقبل بطنه،
فقال: ما حملك على هذا ياسواد، قال: يارسول الله حضر ما ترى فاردت ان يكون
اخر العهد بك ان يمس جلدى جلدك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له
بخير. فاى عدل واى مساواة واى احترام وتقدير للانسان مهما كان لونه او قدره.