فتعالوا نتجول سويا في منزل النبي صلى الله عليه واله وسلم وتحديدا بيت السيدة عائشة
رضي الله عنها لنرى كيف كان ..
كانت حجرة امنا عائشة رضي الله عنها تقع في شرقي المسجد النبوي الشريف، وكان بابه
من هذه الحجرة واقعا داخل المسجد النبوي على جهة الغرب، وكان المسجد النبوي صار فناء
لها.
اما مساحة الحجرة فكانت 6 او 7 اذرع اي حوالي 3 امتار ونصف، بنيت جدرانها
من الطين، وسقفها من جريد النخل، وكان السقف قصير يستطيع ان يلمسه كل شخص واقف،
ومن الخارج كان مليث بمسوح الشعر لكي تكون وقاية من المطر.
وباب حجرة النبي صلى الله عليه واله وسلم عند السيدة عائشة كان جزء واحد من
مصنوع من خشب العرعر –احد انواع الاشجار- او خشب الساج –وهو شجر استوائي ذو اخشاب
صلبة-، وكان في جنب الحجرة مشربة اقام فيها النبي صلى الله عليه وسلم لمدة شهر
عندما الى زوجاته.
وتصف ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها جهاز حجرتها وكيف كان ينام النبي صلى
الله عليه واله وسلم فتقول: “انما كان فراش رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
الذي ينام عليه ادما، حشوه ليف”.
ولم يكن في بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم عند السيدة عائشة غير فراش
واحد في اول الامر، ثم رزقت فراشا اخر، وضمت بعد ذلك الى اثاث حجرتها بعض
الوسائد، ولم يكن في بيتها مصباح.
ولما دخل عدي بن حاتم الطائي على النبي صلى الله عليه واله وسلم وهو ملك
طيء وسيدهم وحبرهم، وقد علق صليبا من الذهب في صدره، واستضافه النبي عليه الصلاة والسلام
وعلى اله في منزله لم يجد النبي ما يقدم لضيفه ليجلس عليه الا وسادة واحده
من ليف وضعها النبي صلى الله عليه واله وسلم لضيفه ليجلس عليها، وجلس رسول الله
–بابي هو وامي- على الارض !!!
اما عن مطبخ بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم، فتقول امنا عائشه رضي الله
عنها: كنا نتراءى الهلال والهلال والهلال ثلاثة اهله في شهرين، ولا يوقد في بيت الرسول
نار!! قيل: فما كان طعامكم؟ قالت: الاسودان “التمر” و “الماء”…!!.
بل في بعض الاحيان لم يكن في اي بيت من بيوت رسول الله صلى الله
عليه واله وسلم حتى التمر، فكان يمضي بابي هو وامي عليه اليوم واليومان وهو لا
يجد من الدقل “التمر الرديء”ما يملا به بطنه.
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها “ما شبع ال محمد من خبز الشعير هذا يومين
متتاليين حتى مات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وكانت تمر الايام على ابيات
رسول الله ولا يجدون ما ياكلونه لا تمرا ولا شعيرا الا ماء”.
بل قالت ما هو اشد من ذلك فقالت: “توفي رسول الله صلى الله عليه واله
وسلم وما في بيتي شيء ياكله ذو كبد، الا شطر شعير في رف لي، فاكلت
منه حتى طال علي فكلته ففني”.
ولم ير رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الخبز الابيض النقي قط، وسال عروة
بن الزبير رضي الله عنه خالته السيدة عائشه رضي الله عنها: هل اكل رسول الله
صلى الله عليه واله وسلم خبز النقي؟ فقالت: “ما دخل بيت رسول الله منخل قط،
ولا راى رسول الله منخلا قط”، قال: فكيف كنتم تاكلون الشعير؟ قالت: “كنا نطحنه ثم
نذريه (مع الهواء) ثم نثريه ونعجنه”.
هكذا كان بيت الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله، وهكذا كانت حياته وهو خير
خلق الله اجمعين، ولو اراد الملك والجاه لاتاه، ولو اراد جبال مكة والمجينة ذهبا لكانت،
ولكنه صلى الله عليه واله وسلم لم يلتفت الى زينة الدنيا بل اسس بيوته بالتوحيد
والطاعة والكاملة لله سبحانه وتعالى.