من اعظم سبل طمانينة القلب هو قراءة سورة الضحى لانها من اعظم السور في القران
الكريم فهي تعلمك ان تكون ايجابيا وان تثق بالله .
نزلت سورة الضحى على النبي في وقت لم يكن يتلقى فيه اي وحي من الله
لمدة ستة اشهر. ستة اشهر مضت ولم يتلق النبي اي وحي من الله ، لم
ينزل عليه جبريل ، لم ير رؤيا. تمر علينا نحن بعض الاوقات ونحن مشغولون باعمالنا
ونشعر بالتعب وعقولنا منهكة لا نرى فيها حلما واحدا سعيدا مبشرا بعد ان كنا نرى
العديد من الاحلام السعيدة! وفي بعض الاحيان لا نشعر ان صلواتنا وعباداتنا تترك اي اثر
في قلوبنا او في حياتنا فيتولد عندنا شعور بالانقطاع عن الله ! بعض الاحيان نشعر
ان لا شيء يؤثر علينا وان الله لا يستجيب لنا وان الله لا يتحدث الينا
واننا لم نعد نشعر بلذة العبادة ولا بالمتعة!
بهذه الطريقة نفسها النبي محمد لم يتلق اية رسالة من جبريل ، لم ينزل عليه
لا من خلال رؤية ولا من اي مصدر اخر لمدة ستة اشهر! فالنبي ظن ان
الله يكرهه، ظن بان الله لا يريدهان يكون نبيا بعد الان، فكانت جميع هذه الافكار
تخطر في باله. ونحن تمر بنا بعض الاحيان نفكر بهذه الطريقة ايضا، نبدا بالتفكير ان
الله لا بد انه يكرهنا! ننظر الى حياتنا ونتساءل: لا بد ان الله لا يريدنا!
ننظر الى اوضاعنا وظروفنا كم نحن اشقياء وتعساء، كم نحن مظلومون، الله لا يهتم بنا
ولا بدعائنا! في بعض الاحيان تخطر في اذهاننا مثل هذه الافكار! وهذا ما كان يشعر
به النبي عندما نزلت عليه سورة الضحى.
قال الله (والضحى) يقسم بالشمس والصباح وتالقه وتوهجه، فاول شيء تخبره به شخصا بائسا: استيقظ
وانظر الى اشعة الشمس فليس الايام كلها سوداء والكابة والحزن لا يدومان فالشمس لا زالت
مشرقة وضوؤها ساطع (والضحى)
(والليل اذا سجى) يقسم الله بالليل اذا اسدل ستاره، فالمشكلة الثانية التي تواجه الانسان البائس
سهر الليل، يخلد الى النوم في الصباح ويبقى في الليل مستيقظا بالتاكيد سيطغى عليه الحزن
والكابة، نظام نومه غير جيد. (والليل اذا سجى) يقسم بالليل وهو وقت الاسترخاء والراحة.
(ما ودعك ربك وما قلى) فالله لا يكرهك يا محمد، الله لا يكرهنا. الله لا
يكرهك يا محمد ولم ينساك. وانت يا عبد الله وانت يا امة الله الله لا
يكرهكم ولم ينساكم (ما ودعك ربك وما قلى)
(وللاخرة خير لك من الاولى) الحياة الاخرة ستكون افضل بكثير من هذه الحياة الدنيا وما
هو قادم سيكون افضل بكثير من الحال التي انت عليها الان.
(ولسوف يعطيك ربك فترضى) في القريب العاجل سيعطيك ربك ثوابا عظيما وسيسعدك. قريبت جدا ايها
المسلمون سيدخلنا الله الجنة ان شاء الله ويجعلنا سعداء، قريبا جدا سينصرنا الله من هذا
كله ويجعلنا سعداء، قريبا جدا (ولسوف يعطيك ربك فترضى) الله وعدنا هذا ونحن على يقين
بانه قريب جدا، قريبا جدا سندخل الجنة باذن الله تعالى. اوليس هذا افضل ما يمكن
قوله لانسان يشعر بالياس؟
وبعد ذلك يذكر الله بعض الحقائق ليزداد يقين النبي يزداد يقيننا بوعده (الم يجدك يتيما
فاوى) يذر الله مننه على الرسول ليوقن بان الله معه فيقول (الم يجدك يتيما فاوى)
الم تكن يا محمد يتيما عند صغرك فاواك واهتم بك؟ ولنسال نحن انفسنا ايضا: الم
نمرض من قبل؟ الم نكن صغارا فاعتنى بنا؟ الم نكن صغارا بدون رعاية من اي
احد فراقبنا وحفظنا سبحانه؟
(ووجدك ضالا فهدى) الم نجدك ضالا فهديناك؟ الم نكن ضالين قبل ان نبدا بممارسة العبادة؟
الم نكن لا نصلي من قبل ولم نكن نعرف عن الدين الكثير فهدانا الله ؟
(ووجدك عائلا فاغنى) الم يجدك الله فقيرا يا محمد ومحتاجا للرزق فرزقك؟ الكثير منا لم
يكن بحوزته مال فرزقه الله بفضله ورحمته وشفقته بنا رزقنا واغنانا؟ كم منا من قام
الله برعايته بينما عائلاتنا لا تزال تعاني في بلادنا؟ (ووجدك عائلا فاغنى) الله يعطي المزيد
والمزيد من الاسباب للرسول ولنا يذكرنا المرة تلو المرة لماذا يجب ان نؤمن بكل ما
يقوله الله وبان وعد الله حق. فللانسان المحبط اليائس تعتبر هذه افضل طريقة ان تخبره
عن الماضي وتعطيه سببا للايمان والتصديق بان وعد الله حق وسيتحقق مثلما تحقق في السابق.
ثم اعطانا الله علاجا للاحباط. الشخص البائس اكثر قلقا على نفسه ولكن افضل طريقة للخلاص
من هذا الياس ومن الاحباط وشعور البعد عن الله هو ان تتفكر في حال من
هم اشد ياسا منك:
(فاما اليتيم فلا تقهر) واما اليتيم فلا تقسو عليه
(واما السائل فلا تنهر) اذا سالك احدهم حاجة فلا ترده خائبا، فيخبرنا الله بان نضع
في الحسبان نوعان من البشر: اليتيم والسائل. تذكر الايتام الذين ليس لديهم من يرعاهم بينما
انت لديك والدان يخافان عليك، لديك عائلة تهتم بك، تنتظر عودتك الى المنزل اما الايتام
فليس لهم احد. اما السائل الشخص المتسول فلا طعام لديه ويسالك ان تعطيه طعاما فهو
يخلد الى النوم جائعا في كل ليلة بينما قد رزقك الله الطعام. كم منا قد
خلد الى النوم جائعا في حياته؟! فلذلك يقول الله باخبارنا بالعلاج وهو النظر الى حال
من هم اقل منا حالا (فاما اليتيم فلا تقهر * واما السائل فلا تنهر) وبعد
ذلك يقدم الحل للتخلص بشكل نهائي من شعور البعد عن الله (واما بنعمة ربك فحدث)
عدد النعم التي وهبها اياك ربك لن تحصيها! تحدث عن نعم الله عليك: الحمد لله
على نعمة البصر، الحمد لله على نعمة الايدي، الحمد لله على نعمة الكلام، الحمد لله
على نعمة الفؤاد.
ان كان الله لا يحبنا فلماذا اذن لا زال يبقينا احياء؟ ان لم يكن الله
يحبنا فلماذا يقدم لنا المساعدة في كل دقيقة نعيشها؟! ان لم يكن الله يحبنا فلماذا
يمن علينا بالعلم لنزداد حكمة ونزداد حبا بالله .
في المرة المقبلة التي تشعرون بالبعد عن الله فعليكم ان تقراوا سورة الضحى وباذن الله
تعالى ستشعرون بنفس الحب الذي تلقاه الرسول من الله وكما طمانت ايات هذه السورة العظيمة
قلب النبي كونوا على يقين بانه سينالكم نصيب من هذا الاطمئنان ايضا قريبا جدا سيتحقق
وعد الله ان شاء الله. لهذا السبب قال سفيان الثوري مقولته الرائعة ” والله ما
احب ان يجعل الله حسابي الى ابوي في يوم القيامة بل اريد ان يحاسبني هو
عوضا عن والدي في يوم القيامة لعلمي ان الله ارحم بي منهما. اذا امنت بان
الله يحبك اكثر من والديك فالله سيحبك اكثر من والديك، واذا امنت ان الله سيغفر
لك جميع ذنوبك وخطاياك فانه سيغفر لك كل خطاياك، اذا امنت ان الله سيدخلك الجنة
لن يخذل الله ثقتك به وسيستجيب دعاءك ان شاء الله ويدخلك الجنة.