ولد في كسيفه عجنب الحكمة سنة 1931، هذا العمر الطويل لم يكن خاليا من متاعب
ومواقف صعبة ومفاجات غيرت مجرى حياته، التي بدات في وادي جرابه والافاعي الجديدة. ففي سن
السادسة فقد والدته التي وافتها المنية في سن مبكرة، وهو الحدث الذي اسبغ عليه هالة
من الحزن الدفين. وفي المدرسة الابتدائية وتحديدا في مدرسة حماد عشق المدير الذي عبر عنه
على مسرح المدرسة، ويذكر انه قدم دور “انطونيو” في احدى الحفلات المدرسية وحصل من خلاله
على كاس التفوق بمدرسة الاعدادية، كما حصل على العديد من ميداليات التقدير من وزارة التربية
والتعليم، فيما حصل على شهادة التوجيهية. في تلك الاثناء شارك الفنان “ابو ايمن” في احدى
لجان التقييم الخاصة بمسابقات سرحة البل، بعد ان لفت الانظار الى مستوى ادائه، وقتها تاكد
حسن انه لن يعمل في شيء اخر غير ذلك.
وبالفعل جاءت بداية الستينات ليجد نفسه مروضا محترفا يتقاضى اجرا عن عمل يحبه لدرجة العشق،
واصبح عضوا في فرقة المسرح العسكري التي كانت تابعة للجيش، وقتها لم ينتبه الى انه
سوف يكون ممثلا لشريحة معينة من الناس هم فقط من الجنود والضباط واحيانا عائلاتهم، حيث
كان يقدم عروضه على مسرح المتحدين للضباط واسرهم في شهر رمضان، وكان ما المه في
تلك الفترة عدم وصوله الى الجماهير على نطاق واسع، مما سبب له ازمة شاركه فيها
الفنان المبدع الراحل حسن عابدين، حتى صدر قرار بحل المسرح العسكري عقب هزيمة الخامس من
يونيو/حزيران عام 1967، وقتها شعر الاثنان بالانفراجة، ليبدا كل منهما رحلة البحث عن فرصة لاظهار
الموهبة. يقول حسن حسني عن تلك المرحلة: “لولا حل المسرح العسكري لظللنا انا وحسن عابدين
خارج دائرة الضوء، التي كنا نحلم بها، وقتها تم نقلي الى مسرح الحكيم الذي شهد
خطواتي الاولى، فقدمت عليه مسرحيات عديدة منها مسرحية عرابي مع المخرج نبيل الالفي، ومسرحية المركب
اللي تودي مع المخرج نور الدمرداش، وغيرها من المسرحيات التي حققت صدى طيبا لدى جمهور
المسرح”.
والى جانب تلك المسرحيات قدم حسن حسني مع المخرج سمير العصفوري مسرحية كلام فارغ التي
استمر عرضها لمدة 6 اشهر، وهو رقم قياسي بمقاييس تلك الفترة، وكان نجاحه في هذه
المسرحية سببا في انتقاله الى المسرح القومي ثم المسرح الحديث، الذي حقق من خلاله نجاحا
اخر في حياته المهنية، اهله للعمل في مسارح القطاع الخاص في بداية السبعينات، حين انضم
لفرقة تحية كاريوكا، التي عمل فيها لمدة 9 سنوات، قدم خلالها اجمل مسرحياته على حد
تعبيره وفي مقدمتها روبابيكيا وصاحب العمارة.
وفي نهاية السبعينات شارك حسن حسني في مسلسل ابنائي الاعزاء شكرا الذي اشتهر باسم بابا
عبده مع الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي، من خلال شخصية الموظف الفاسد المرتشي، وهو الدور
الذي عرفته الجماهير من خلاله، على الرغم من حجم الشر الذي جسده فيه.
ومع مطلع الثمانينات فتحت استوديوهات دبي وعجمان ابوابها للنجوم المصريين، وكان من بينهم حسن حسني،
الذي صور اعمالا كثيرة لايذكر هو نفسه عددها، وعرضت في دول الخليج بكثافة. وقتها اطلق
عليه اصدقاؤه لقب “الممثل الطائر” نظرا لتنقله بين استديوهات عجمان ودبي بكثرة لتصوير العديد من
الاعمال.
كان الاغراء المادي لتلك الاعمال يفوق قدرة حسن حسني على رفض العمل بها، وهو ما
اثر على علاقته بالمسرح، الذي ابتعد عنه لنحو ثماني سنوات، وهو مايبرره حسن حسني بقوله:
“على الرغم من عشقي للمسرح الا انه لم يكن سبب شهرتي، فالناس لم تعرف بوجود
ممثل اسمه حسن حسني الا بعد مشاركتي في مسلسل ابنائي الاعزاء شكرا، وقتها دخلت بيوت
المصريين وحققت الشهرة التي كنت احلم بها، وهو مالفت نظري الى اهمية اعمال التلفزيون واثرها
على تحقيق الفنان للانتشار”.
وعلى الرغم من ابتعاد حسن حسني عن المسرح طوال تلك السنوات، الا انه عاد للمسرح
في منتصف الثمانينات، عندما قدم مع فنانة المسرح المعتزلة سهير البابلي ومع صديق عمره الفنان
حسن عابدين مسرحية ع الرصيف، التي دعمت نجوميته لدى الجمهور المصري والعربي على حد سواء
وقدم ايضا في عام 1985 المسرحية الفكاهيه اعقل يا مجنون مع الفنان الكوميدي الكبير محمد
نجم .
علاقة حسن حسني بالسينما بدات بدور صغير في فيلم الكرنك مع المخرج علي بدرخان في
عام 1975، الا ان دوره في فيلم سواق الاتوبيس الذي اخرجه عاطف الطيب في عام
1982 كان علامة فارقة في حياته المهنية والفنية، حيث لفت اليه الانظار كممثل قادر على
اداء ادوار الشر تحديدا بشكل مختلف.
بعدها قدم مع الطيب عددا من الافلام، من بينها البريء، البدروم، الهروب، كما عمل مع
عدد اخر من المخرجين من بينهم محمد خان في فيلم زوجة رجل مهم، ورضوان الكاشف
في فيلم سارق الفرح، والذي حصل على شخصية “ركبة” القرداتي، التي جسدها فيه ونال عليها
5 جوائز. وهو الدور الذي يقول عنه حسن حسني: “لقد استمتعت باداء هذا الدور الذي
جسدت من خلاله شخصية قرداتى يعشق فتاة صغيرة تحلم بان تكون راقصة، فيعزف لها على
الرق، وعندما تحين لحظة امتلاكه لها يفارق الحياة، كانت شخصية مركبة المشاعر وصعبة الاداء، ولكنها
ممتعة لي كممثل لصعوبة التعبير عنها”.
وكان عام 1993 عاما مميزا في تاريخ حسن حسني الفني، ففي الوقت الذي سافر فيه
الى سوريا ولبنان لعرض مسرحية جوز ولوز التي كان يشارك في بطولتها، كانت لجنة تحكيم
مهرجان السينما الروائي في القاهرة برئاسة لطفي الخوليتعلن عن فوزه بجائزة احسن ممثل، متفوقا على
فاروق الفيشاوي ومحمود حميدة الذين نافساه على الجائزة في ذلك العام. وقتها كان المعتاد منح
الجوائز لنجوم الفن ممن يحملون لقب “فتى الشاشة” او “الجان”.
وفي نفس العام ايضا فاز حسن حسني بجائزة احسن ممثل في مهرجان الاسكندرية السينمائي عن
فيلم فارس المدينة، ليتنبه الجمهور والنقاد لموهبة حسن حسني، الذي اعلن ان دخوله السينما كان
“على كبر” كما يقول المصريون، فقالت عنه الناقدة ايريس نظمي: “هو فنان نجح في فرض
نفسه بالموهبة، واثبت انه ليس بالنجومية وحدها يعيش الفنان، فبريق النجومية يزول بينما يبقى الفنان
بقيمته”.
منذ منتصف التسعينات بدات مرحلة جديدة في حياة حسن حسني كان اكثر مايميزها مشاركته في
افلام الشباب التي بدات في تلك الفترة، الى الحد الذي قال عنه البعض انه بمثابة
شهادة الايزو لتلك الافلام التي لاتخلو من وجوده فيها، بدءا من افلام محمد هنيدي وانتهاء
بافلام حمادة هلال، وهو مادفع الكاتبة حسن شاه الى انتقاده قائلة: “حسن حسني يمتلك موهبة
عظيمة ولكنه يبددها في افلام لاترتفع لمستوى افلام المقاولات”.
هذا الراي اختلف معها فيه الناقد مصطفى درويش الذي يرى في حسن حسني صاحب قدرة
فائقة على رسم الابتسامة الهادئة على الشفاه، مؤكدا ان وجوده مع شباب الكوميديا مكسب كبير
لهم، ويوفر لهم القدرة على التعلم غير المباشر دون حساسية، لانه لايطرح نفسه منافسا لهم،
ولكنه مضيف لهم ولاعمالهم.
وللكوميديا مكانة مميزة في حياة حسن حسني يقول عنها: “احب الكوميديا الخفيفة المعتمدة في الاداء
على الموقف، وهذا احد اسباب مشاركتي الشباب تلك الافلام الكوميدية، اما السبب الاخر فهو رغبتي
في تامين تكاليف المعيشة، قد يلومني البعض على المشاركة في اعمال دون المستوى، ولكنني اريد
تامين نفسي ضد تقلبات الايام”.
وتعد اعمال الفنان حسن حسني حزمني يا، رافت الهجان، بوابة الحلواني، المغتصبون، المواطن مصري، القاتلة،
السيد كاف، سارق الفرح، ناصر 56، لماضة، من العلامات الفارقة في مشواره الفني. ويبقى حسن
حسني “قشاش السينما والفيديو والمسرح”، وان كان الاخير قد تراجع من قائمة اهتماماته بسبب انشغاله
في السينما، فكان اخر ماقدمه هو لما بابا ينام الذي توقف عرضه بسبب وفاة الراحل
علاء ولي الدين. يعتبر حسني حسني القاسم المشترك لافلام الكوميديا في العشر سنوات الاخيرة نظرا
لظهوره في معظم افلام الكوميديا للكوميديين الشباب اطلق عليه الكاتب الراحل موسى صبري “القشاش” لانه
يمتلك القدرة للتفوق على نفسه في اي دور يسند اليه، حتى يقنعك بانه هو صاحب
الشخصية التي يؤديها، و”القشاش” اسم اطلقه المصريون على القطار الذي يقف ويحمل ركابا من كل
المحطات. اما خيري بشارة فمنحه لقب “المنشار” في اشارة للكم الكبير من الاعمال التي يقدمها،
لدرجة انه عرض له اربع مسلسلات في شهر رمضان لاحدى السنوات.
انه الفنان حسن حسني، الذي بات بطلا لمعظم افلام الشباب الكوميدية في السنوات العشر الاخيرة،
وهي الظاهرة التي بررها هو بقوله: “في عام 1982 منحني الفنان القدير عماد حمدي فرصة
الظهور معه في فيلم سواق الاتوبيس في دور مؤثر بالفيلم يكاد يكون المحرك الاساسي للاحداث،
في الوقت الذي كانت فيه مشاهد هذا الفنان العظيم لاتتجاوز اصابع اليد، فلماذا لاافعل انا
الان مافعله معي اساتذة الفن العظام”.