تفسير حلم رؤيا البئر لابن سيرين : بئر الدار تدل على ربها لانه قيمها، وربما
دلت على زوجته لانه يدل فيها دلوه وينزل فيها حبله في استخراج الماء وتحمل الماء
في بطنها وهي مؤنثة، واذا كان تاويلها رجلا فماؤها ماله وعيشه الذي يجود به على
اهله وكلما كثر خيره ما لم يفض في الدار فاذا فاض كان ذلك سره وكلامه
وكلما قل ماؤه قل كسبه وضعف رزقه وكلما بعد غوره دل على بخله وشحه، وكلما
قرب ماؤه من اليد دل ذلك على جوده وسخائه وقرب ما عنده وبذله لماله، واذا
كان البئر امراة فماؤه ايضا مالها وجنينها فكلما قرب من اليد تدانت ولادتها، وان فاض
على وجه الارض ولدته او اسقطته، وربما دلت البئر على الخادم والعبد والدابة وعلى كل
من يجود في اهله من نفع من بيع الماء واسبابه او من السفر ونحوه لان
البئر المجهولة ربما دلت على السفر لان الدلاء تمضي فيها وتجيء وتسافر وترجع بمنزلة المسافرين
الطالعين والنازلين، وربما دلت البئر المجهولة المبذولة في الطرقات المسبلة في الفلوات على الاسواق التي
ينال منها كل من اتاها ما قدر له، ودلوه وحمله تشبثه بها، وربما دلت على
البحر، وربما دلت على الحمام وعلى المسجد الذي يغسل فيه اوساخ المصلين، وربما دلت على
العالم الذي يستقي العلم من عنده الذي يكشف الهموم، وربما دلت على الزانية المبذولة لمن
مر بها وارادها، وربما دلت على السجن والقبر لما جرى على يوسف في الجب، فمن
راى كانه سقط في بئر مجهولة، فان كان مريضا مات، وان كان في سفينة عطب
وصار في الماء، وان كان مسافرا في البر قطع من الطريق ومكر به وغدر في
نفسه، وان كان مخاصما سجن والا دخل حماما مكرها او دخل دار زانية.ومن راى انه
استقى بالدلو من بئر مجهولة، فان كان عنده حمل بشر عنه بغلام لقوله تعالى {
فادلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام } وان كانت له بضاعة في البحر او
البر قدمت عليه او وصلت اليه، وان كان عنده عليل افاق ونجا وخلص، وان كان
له مسجون نجا من السجن، وان كان له مسافر قدم من سفره، فان لم يكن
شيء من ذلك وكان عازبا تزوج، والا توسل الى سلطان او حاكم في حاجته وتمت
له، وكل ذلك اذا طلع دلوه سليما مملوءا، والعرب تقول: دلونا اليك بكذا اي توسلنا
اليك، وان لم يكن شيء من ذلك طلب علما، فان لم يلق به ذلك فالبئر
سوقه واستقاؤه وتسببه فما افاد من الماء افاد مثله.وقيل اذا راى الرجل البئر فهي امراة
ضاحكة مستبشرة، واذا راته امراة فهو رجل حسن الخلق.ومن راى انه احتفر بئرا وفيها ماء
تزوج امراة موسرة ومكر بها لان الحفر مكر، فان لم يكن فيها ماء، فان المراة
لا مال لها، فان شرب من مائها، فانه يصيب مالا من مكر اذا كان هو
الذي احتفر والا فعلى يد من احتفر او سميه او عقبه بعده.وان راى بئرا عتيقة
في محلة او دار او قرية يستقي منها الصادرون او الواردون بالحبل والدلو، فان هناك
امراة او بعل امراة او قيمها ينتفع به الناس في معايشهم ويكون له في ذلك
ذكر حسن لمكان الحبل الذي يدلى به الى الماء لقوله عز وجل { واعتصموا بحبل
الله جميعا } ,وان راى ان الماء فاض من تلك البئر فخرج منها، فانه هم
وحزن وبكاء في ذلك الموضع، فان امتلات ماء ولم يفض فلا باس ان يلقى خير
ذلك وشره.وان راى انه يحفر بئرا يسقي منها بستانه، فانه يتناول دواء يجامع به اهله.وان
راى ان بئره فاضت اكثر مما سال فيها حتى دخل الماء البيوت، فان يصيب مالا
يكون وبالا عليه، فان طرق لذلك حتى يخرج من الدار، فانه ينجو من هم ويذهب
من ماله بقدر ما يخرج من الدار ومن راى انه وقع في بئر فيها ماء
كدر، فانه يتصرف مع رجل سلطان جائر ويبتلي بكيده وظلمه، وان كان الماء صافيا، فانه
يتصرف لرجل صالح يرضى به كفافا.وان راى انه يهوي او يرسل في بئر، فانه يسافر
والبئر اذا راها الرجل في موضع مجهول وكان فيها ماء عذب، فانها دنيا الرجل ويكون
فيها مرزقا طيب النفس طويل العمر بقدر الماء، وان لم يكن فيها ماء فقد نفذ
عمره، وانهدام البئر موت المراة.وان راى ان رجليه تدلتا في البئر، فانه يمكر بماله كله
او يغضب، فان نزل في بئر وبلغ نصفها واذن فيها، فانه سفر، واذا بلغ طريقه
نال رياسة وولاية او ربحا عن تجارة وبشارة، فان سمع الاذان في نصف البئر عزل
ان كان واليا وخسر ان كان تاجرا، وقيل من راى بئرا في داره وارضه، فانه
ينال سعة في معيشته ويسرا بعد عسر ومنفعة، وقيل من اصاب بئرا مطمورة اصاب مالا
مجموعا .