الحجاب عبادة وليس عادة
اختي المسلمة: ان دعاة الضلالة واهل الفساد يحاولون دائما تشويه الحجاب، ويزعمون انه هو سبب
تخلف المراة، وانه كبت لها وتقييد لحريتها، ويشجعونها على التبرج والسفور وعدم التقيد بالحجاب، بدعوى
ان ذلك دليل على التحرر والتحضر، وهم لا يريدون بذلك مصلحة المراة كما قد تعتقده
بعض الساذجات، وانما يريدون بذلك تدمير المراة والقضاء على حياتها وعفافها، فاحذري اختي المسلمة ان
تنخدعي بمثل هذا الكلام، وكوني معتزة بدينك متمسكة بحجابك، وتاكدي ان الحجاب اسمى من ذلك
بكثير، وانه اولا وقبل كل شيء عبادة لله وطاعة لرسوله ، وليس مجرد عادة يحق
للمراة تركها متى شاءت، وانه عفة وطهارة وحياء.
اختي المسلمة، ان الله تعالى عندما امرك بالحجاب انما اراد لك ان تكون طاهرة نقية
بحفظ بدنك وجميع جوارحك من ان يؤذيك احد باعمال دنيئة او اقوال مهينة، واراد لك
به ايضا العلو والرفعة. فالحجاب تشريف وتكريم لك وليس تضييقا عليك، وهو حلة جمال وصفة
كمال لك، وهو اعظم دليل على ايمانك وادبك وسمو اخلاقك، وهو تمييز لك عن الساقطات
المتهتكات. فاياك اياك ان تتساهلي به او تتنكري له، فانه – والله – ما تساهلت
امراة بحجابها او تنكرت له الا تعرضت لسخط الله وعقابه، وما حافظت امراة على حجابها
الا ازدادت رضا وقربا من الله، واحتراما وتقديرا من الله.
شروط الحجاب الشرعي
ان الحجاب الشرعي للمراة المسلمة يجب ان يكون سميكا غير شفاف، والا يكون زينة في
نفسه كان يكون ذا الوان جذابة يلفت الانظار، ولا ضيقا، ولا لباس شهرة، ولا معطرا؛
لان النبي حرم على المراة ان تتعطر وتخرج الى مكان فيه رجال اجانب، فقال: {
ايما امراة استعطرت فمرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي زانية }، والا يشبه لباس الرجل، ويجب
ان يكون الحجاب ايضا ساترا لجميع البدن بما في ذلك الوجه الذي تساهلت بكشفه بعض
النساء بحجة انه ليس بعورة. وياللعجب كيف لا يكون الوجه عورة وهو اعظم فتنة في
المراة، وهو مكان جمالها ومجمع محاسنها، واذا لم يفتتن الرجل بوجه المراة فبماذا سيفتتن اذا؟!!
ولقد وردت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة تدل على وجوب تغطية المراة لجميع بدنها؛ لان
المراة كلها عورة لا يصح ان يرى الرجال الذين ليسوا من محارمها شيئا منها، ومن
هذه الادلة قوله تعالى: وليضربن بخمرهن على جيوبهن [النور: 31]، قالت عائشة رضي الله عنها:
{ لما نزلت هذه الاية اخذن نساء الانصار ازرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها
} اي: غطين وجوههن. وايضا ما جاء في الحديث المتفق على صحته في قصة عائشة
رضي الله عنها في حادثة الافك لما نامت في مكانها ثم اتى صفوان ابن المعطل
اليها قالت: فخمرت، وفي رواية: (فسترت وجهي عنه بجلبابي) الحديث كل ذلك مما يدل على
وجوب تغطية الوجه.
لذا يجب على كل امراة مسلمة ان تتقي الله في نفسها، وان تلتزم بحجابها التزاما
كاملا، ولا تتساهل باي شيء منه، كان تكشف مثلا كفيها او ذراعيها، او تلبس نقابا
او لثاما مثيرا للفتنة، تظهر من خلاله جزءا كبيرا من وجهها، او تغطي وجهها بغطاء
شفاف يشف ما تحته، ثم تعتقد بعد ذلك انها قد تحجبت حجابا كاملا، وان ما
كشفته من جسمها يعتبر امرا بسيطا لا يثير الفتنة، او لا يعتبر من التبرج، المذموم،
وانه يجب عليها ان تحرص على ان تتجنب كل ما قد يؤثر على حجابها او
يخدش حيائها، لئلا يطمع فيها الفسقة كما هي عادتهم مع المراة التي لا تظهر بمظهر
الاحتشام الكامل، ولكي لا تعرض نفسها لسخط الله وعقابه، كما ورد ذلك عن رسول الله
في قوله: { صنفان من اهل النار لم ارهما …} وذكر {… ونساء كاسيات عاريات
مميلات مائلات، رءوسهن كاسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وان ريحها ليوجد
من مسيرة كذا وكذا } [رواه مسلم].
قال اهل العلم: معنى كاسيات عاريات انهن يلبسن ملابس لكنها قد تكون ضيقة او شفافة
او غير ساترة لجميع الجسم.
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين –حفظه الله تعالى- عن صفة الحجاب الشرعي، فاجاب حفظه
الله بقوله: القول الراجح ان الحجاب الشرعي ان تحجب المراة كل ما يفتن الرجال بنظرهم
اليه، واعظم شيء في ذلك هو الوجه، فيجب عليها ان تستر وجهها عن كل انسان
اجنبي منها، اما من كان من محارمها فلها ان تكشف وجهها له.
واما من قال ان الحجاب الشرعي هو ان تحجب شعرها وتبدي وجهها… فهذا من عجائب
الاقوال !! فايما اشد فتنة: شعر المراة او وجهها؟! وايما اشد رغبة لطالب المراة ان
يسال عن وجهها او ان يسال عن شعرها؟
كلا السؤالين لا يمكن الجواب عنهما الا بان يقال: ان ذلك في الوجه. وهذا امر
لا ريب فيه، والانسان يرغب في المراة اذا كان وجهها جميلا ولو كان شعرها دون
ذلك، ولا يرغب فيها اذا كان وجهها ذميما ولو كان شعرها احسن الشعر، ففي الحقيقة
ان الحجاب الشرعي هو ما تحتجب به المراة حتى لا يحصل منها فتنة او بها،
ولا ريب ان متعلق ذلك هو الوجه.
التبرج والسفور دعوة الى الفاحشة والفساد
ان المراة اذا تبرجت وتكشفت للرجال – غاض ماء وجهها، وقل حياؤها، وسقطت من اعين
الناس، وعملها هذا دليل على جهلها وضعف ايمانها ونقص في شخصيتها، وهو بداية الضياع والسقوط
لها، وهي بتبرجها وتكشفها تنحدر بنفسها الى مرتبة ادنى من مرتبة الانسان الذي كرمه الله
وانعم عليه بفطرة حب الستر والصيانة، ثم ان التبرج والسفور ايضا ليس دليلا على التحضر
والتحرر كما يزعم اعداء الاسلام ودعاة الضلالة، وانما هو في الحقيقة انحطاط وفساد اجتماعي ونفسي،
ودعوة الى الفاحشة والفساد، وهو عمل يتنافى مع الاخلاق والاداب الاسلامية، وتاباه الفطر السليمة. ولا
يمكن ان تعمل هذا العمل الا امراة جاهلة قد فقدت حياءها واخلاقها؛ لانه لا يتصور
ابدا ان امراة عاقلة عفيفة يمكن ان تعرض نفسها ومفاتنها هذا العرض المخجل والمخزي للرجال
في الاسواق وغيرها دون حياء او خجل.
وريما تعتقد بعض النساء انها اذا خرجت متبرجة كاشفة وجهها ومفاتنها للناس انها بذلك ستكسب
اعجاب الناس واحترامهم لها، وهذا اعتقاد خاطئ؛ لان الناس لا يمكن ابدا ان يحترموا من
تعمل مثل هذه الامور، بل انهم يمقتونها وينظرون اليها نظرة ازدراء واحتقار، وهي في نظرهم
امراة ساقطة معدومة الكرامة والاخلاق، فكيف ترضى امراة عاقلة لنفسها بكل ذلك؟! وما الذي يدعوها
الى ان تهين نفسها وتنزل بها الى هذا المستوى؟! اين ذهب عقلها وحياؤها؟!
فيا من اغراها الشيطان بالتبرج والسفور: اتقي الله وتوبي اليه من هذا العمل القبيح، واعرفي
مالك وتذكري مصيرك، وتذكري سكناك وحيدة فريدة في القبر الموحش المظلم، وتذكري وقوفك بين يدي
الله عز وجل، وتذكري اهوال يوم القيامة، وتذكري الحساب والميزان، وتذكري جهنم وما اعد الله
فيها من العذاب الاليم لمن عصاه وخالف اموره.. تذكري كل ذلك قبل ان تقدمي على
مثل هذا العمل، واعلمي انك والله اضعف من ان تتحملي شيئا من عذاب الله، او
ان تطيقي شيئا من هذه الاهوال العظيمة التي امامك، فارحمي نفسك ولا تعرضيها لمثل ذلك،
وبادري بالتوبة النصوح قبل ان يغلق في وجهك الباب، ويعلوك التراب، فتندمي ولات ساعة مندم.