رحل الشيخ سيد حمدي مفسر الاحلام الشهير عن عمر يناهز الخمسين عاما، رحل “فجاة” دون
مقدمات او تنبؤات او احلام، فقط صراع مع مرض الكبد انتهي بعودة الروح الي بارئها.
ويمكن رواية ورؤية حياة الشيخ سيد حمدي بطريقة “الفلاش باك” بمعني ان البداية ليست من
لحظة مولده في الصعيد الجواني (قرية نجع سالم مركز نجع حمادي محافظة قنا) عام 1960،
وانما من عام 2005 التي شهدت صعود نجمه في الفضائيات كمفسر للاحلام، لم يكن الشيخ
وقتها نكرة، لكن شهرته كانت في اوساط النجوم فقط، كان المشاهير يعرفونه بينما لا يعرفه
عامة الشعب الا مع انتشار الفضائيات، وتكرار ظهوره فيها اصبح نجمه في صعود، وصاحب هذا
الصعود كم كبير من القصص عن كرامات الشيخ سيد يختلط فيها الحقيقي بالاسطوري، والمعقول بالمبالغات،
ومظاهر الاعجاب بالدعاية.
وينسب الي الشيخ سيد حمدي في صباه، انه راي رؤيا بان سيدنا يوسف يعطيه كوبا
من اللبن، وان هذه الرؤيا ذاعت، فبدا الاهل والمعارف والاقربون يستفتونه، ويطلبون منه تفسير رؤاهم،
حتي ان احد مسئولي الامن في قنا طلب منه تفسير احد احلامه، فاخبره بانه سيدخل
السجن في قضية رشوة وهو ما كان بعدها بشهر.
التحق الشيخ سيد بالتعليم الازهري، وحفظ القران كما هو مطلوب في الجامعة العتيقة، ومعاهدها ووصل
به المطاف الي جامعة الازهر باسيوط، في شمال الصعيد، كما هي العادة لطلاب المعاهد الازهرية
في محافظات الصعيد المختلفة، وكانت دراسته بالتحديد في كلية اللغة العربية.
كان محافظ اسيوط وقتها هو الراحل زكي بدر، والد احمد زكي بدر اخر وزير تعليم
في عصر مبارك، وتقول الحكاية ان زكي بدر طلب من الشيخ سيد الذي كان قد
بدا يمارس عمله كمفسر للاحلام علي نطاق ضيق، ان يفسر له حلمه (الشيخ سيد كان
يؤمن بان تفسير الاحلام موهبة ربانية وليست علما، كما انه يجوز احترافه كمهنته.
كانت رؤيا زكي بدر انه يشرب لبنا من اناء ودما من اناء اخر، وكان تفسير
مولانا الشيخ ان بدر سيصبح وزيرا ثم يخرج من الوزارة بمشاكل، وفي غضون ايام كان
بدر في مكتبه بوزارة الداخلية، وهو ما اعطي الشيخ الصاعد شهرة كبيرة، تنامت لتصبح شهرة
دولية بعد ان تنبا بهطول المطر للشيخ زايد شخصيا، وهطل المطر بعد نبوءته بساعتين! كما
تنبا لتوني بلير بخسارة حزب العمال في الانتخابات الانجليزية، كما تنبا لعدد من الزعماء والقادة
ورجال السياسة.
ومما يروي انه تنبا للفنان الراحل علاء ولي الدين بالوفاة، وان علاء الح عليه بعد
محاولات عديدة منه للتهرب في ان يفسر له حلمه، كان الحلم انه يري سيدنا سليمان
والسوس ينخر في عصاه، فاخبره بوفاته قبل ثلاثة ايام من حدوثها، ويقال ان حادث علاء
ولي الدين جعل منه اسطورة التفسير في الوسط الفني.
قبل عام تقريبا، اشتد مرض الكبد علي الشيخ سيد، وكان قد اصيب به منذ حوالي
15 عاما، (تقريبا في الوقت نفسه الذي حدثت فيه واقعة اديس ابابا) وبعد صراع مع
مرض الكبد اللعين اختار الله ان ياخذ ما اعطي، حيث توفي الشيخ سيد حمدي امس،
ولله ما اعطي ولله ما اخذ، وربنا يرحم الجميع.
