الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اما بعد:
فلا شك ان الله سبحانه وتعالى قد خلقنا من اجل العبادة ، قال تعالى :
( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون). [الذاريات : 56]. والصلاة من اعظم العبادات ومن
اجل شعائر الاسلام ، قال تعالى: ( وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين
حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ). [ البينة: 5].
كما ان الصلاة عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والايمان ، كما قال الرسول صلى
الله عليه وسلم : ” بين الرجل وبين الكفر – او الشرك – ترك الصلاة
“. اخرجه مسلم ، وابو داود ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن ماجه ،
وابن حبان، والحاكم وصححه ، وابن ابي شيبة .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” لا حظ في الاسلام لمن ترك الصلاة
” وقال عبد الله بن شقيق : كان اصحاب رسول الله لا يرون من الاعمال
شيئا تركه كفر الا الصلاة .
هذا الحكم بالنسبة لمن يتركها ولا يؤديها ، اما من يؤديها لكن يتكاسل في ادائها
ويؤخرها عن وقتها ، فقد توعده الله بالويل فقال: ( فويل للمصلين الذين هم عن
صلاتهم ساهون) . [ الماعون : 5]. والويل هو واد في جهنم ، نسال الله
العافية .
وكيف لا يحافظ المسلم على اداء الصلاة ، وقد امرنا الله بذلك فقال : (
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين). [ البقرة: 238] ، وقال الرسول صلى
الله عليه وسلم : ” خمس صلوات كتبهن الله على العباد ، فمن جاء بهن
ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد ان يدخله الجنة ،
ومن لم يات بهن فليس له عند الله عهد ، ان شاء عذبه ، وان
شاء ادخل الجنة “. رواه ابو داود ، والنسائي ، وابن ماجه وغيرهم .
فمن حافظ على الصلاة كان له عند الله عهد ان يدخله الجنة ، ومن لم
يحافظ عليها ليس له عند الله عهد ، فاي مصيبة اعظم من عدم المحافظة على
الصلاة !! ،ثم يقال للاخت السائلة : لم لا تصلين؟ الا تخافين من الله ؟
الا تخشين الموت ؟ اما تعلمين ان اول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة
كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” اول ما يحاسب عليه العبد الصلاة ،
فان صلحت فقد افلح وانجح ، وان فسدت فقد خاب وخسر”. رواه الترمذي و حسنه
، والنسائي ، وابو داود . وماذا يكون جوابك لربك حين يسالك عن الصلاة؟ الا
تعرفين ان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف امته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من اثر
الوضوء ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “ان امتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين
من اثر الوضوء “. رواه البخاري ومسلم ، والغرة بياض الوجه ، والتحجيل : بياض
في اليدين والرجلين . كيف بالمرء حينما ياتي يوم القيامة وليس عنده هذه العلامة وهي
من خصائص الامة المحمدية ، بل لقد وصف الله اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
بانهم : (سيماهم في وجوههم من اثر السجود).[ الفتح:29].
بل ان الصلاة راحة وطمانينة للنفس والقلب ، وقد قال فيها الرسول صلى الله عليه
وسلم لبلال: ” ارحنا بها يا بلال ” ، وقد ارشدنا النبي صلى الله عليه
وسلم عندما تحدق بنا المصائب ، وتدلهم بنا الخطوب والاحزان ان نفزع الى الصلاة “كان
النبي صلى الله عليه وسلم اذا حزبه امر فزع الى الصلاة “. رواه احمد و
ابو داود ، حزبه اي: اهمه ، وقد امرنا الله بالاستعانة بالصلاة ، فكيف يتركها
بعض الناس ، وقد قال تعالى: ( يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان
الله مع الصابرين ). [ البقرة : 153].
فنصيحتنا للسائلة : ان تتقي الله وان تخاف منه حق الخوف ، وان تراجع نفسها
حيث انها تقول :اني احب ديني واقرا كثيرا عن كتب الدين . فاذا كنت حقا
تحبين دينك ، فعليك بطاعة الله والمحافظة على الصلوات في اوقاتها ، لان المحبة ليست
مجرد دعوى ، بل لابد من الامتثال : لو كان حبك صادقا لاطعته ، ان
المحب لمن يحب مطيع ، فلا تستقيم دعوى المحبة مع عدم الامتثال ، ثم ان
المحافظة على الصلاة نور يتزود به المرء في طريقه ، وكيف يرضى المرء ان يكون
الناس لهم زاد وهو بغير زاد .
وكما هو معلوم ، فالصلاة من اركان الاسلام الخمسة : ” بني الاسلام على خمس
: شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، واقام الصلاة ،
وايتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلا”. رواه البخاري ومسلم
.
فعليك ايها السائلة : ان تتخلصي من عادة ترك الصلاة ، والتوبة الصادقة النصوح ،
وان لا تياسي من رحمة الله ، وان ترافقي الصالحات لكي يعنك على الخير ،
ويبعدنك عن الشر ، وعليك بحضور دروس العلم والمواعظ في بيوت الله حتى يخشع قلبك
، وستجدين السعادة الحقيقية – ان شاء الله – في اداء الصلاة بطمانينة وخشوع في
اوقاتها ، لتكوني من الذين قال الله فيهم : ( قد افلح المؤمنون * الذين
هم في صلاتهم خاشعون ). [ المؤمنون :2]. وعليك بالابتعاد عن كل ما يشغلك ويلهيك
عن الصلاة ، وعليك بدعاء رب العالمين بصدق ان يوفقك للمحافظة والمداومة على الصلاة في
اوقاتها ، فهذا هو الحل السريع الذي تسالين عنه ويتلخص فيما يلي :
1 – البحث عن تقويم يعرفك باوقات الصلاة بدقة و اوقات الاذان فورا .
2 – عند سماع الاذان تتركين كل الاشغال والاعمال وتتفرغين للصلاة ، ولن تاخذ منك
هي وما تتطلبه من طهارة الا وقتا يسيرا .
3 – مصاحبة امراة صالحة تعينك على ذلك ، وتتعاهدان معا على طاعة الله .
4 – حضور دروس العلم الشرعي ان وجدت – او قراءة سير السلف الصالح والعلماء
العاملين .
5 – عليك بالاكثار من قراءة القران ومن ذكر الله ، والصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم ، والاستغفار والدعاء ان يشرح الله صدرك للصلاة .
اسال الله تعالى ان يوفقك لطاعته ، والله اعلم .
الفتوى التالية الفتوى السابقة