اجمل الايات التى تهز القلوب , ايات عظيمه تهز القلوب
فان الجبال –
وهي جبال بغلظتها وقساوتها – لو انزل عليها
كلام الله -عز وجل- ففهمته وتدبرت ما فيه لخشعت
وتصدعت من خوف الله تبارك وتعالى
{ لو انزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا
من خشية الله }
[سورة الحشر: 21].
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تاويل هذه الاية:
“يقول :
” لو اني انزلت هذا القران على جبل حملته اياه؛
لتصدع وخشع من ثقله، ومن خشية الله ”
وقال -تعالى-:
{ ولو ان قرانا سيرت به الجبال او قطعت به
الارض او كلم به الموتى }
[سورة الرعد: 31]،
وقد جاء في تفسيرها انه لو كان هناك قران سيرت به الجبال
او قطعت به الارض او كلم به الموتى؛ لكان هذا القران.
فاذا كانت الجبال الصم لو سمعت كلام الله وفهمته لتصدعت
من خشيته؛ فكيف ببني ادم وقد سمعوا وفهموا ؟!
والناظر في حال السلف – رضوان الله عليه –
وتاثرهم بايات الله – جل في علاه – يتعجب من حالنا
ونحن نسمع القران ليلا ونهارا ولا نتاثر كما تاثروا
بالرغم من ان الايات هي الايات، والكلمات هي الكلمات
وربك قد حفظ كتابه
{ انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون }
[سورة الحجر: 9]،
ولكن الفرق ليس في الايات؛ وانما في القلوب التي تستقبل
كلام الله – عز وجل -!!
كانت قلوبهم -رحمهم الله- ارق من نسيم الفجر، ما ان
تلامس اسماعهم ايات الله -عز وجل- حتى تصل الى القلوب،
فيرون باعينهم ما لا يراه غيرهم
فخلف من بعدهم خلف قست قلوبهم
فهي اشد قسوة من الجبال التي لو فهمت
كلام الله لخشعت.
قال ابو عمران :
” والله لقد صرف الينا ربنا -عز وجل- في
هذا القران ما لو صرفه الى الجبال لهتها وحناها ”
وقال مالك بن دينار-رحمه الله- :
” اقسم لكم لا يؤمن عبد
بهذا القران الا صدع قلبه ”
واخبار الصالحين هي زاد السائرين الى الله -تبارك وتعالى
تعلي من هممهم، وتصرف عنهم الدعة والكسل،
وتدفعهم دفعا الى مزيد من الطاعة والقرب.
فهيا بنا نقف على طرف من اخبارهم مع
ايات الله -عز وجل-
نرى كيف هزت قلوبهم
وكيف وقفوا على دقيق معانيها
فغيرت مسار حياتهم الى صراط الله المستقيم
صراط الذين انعم عليهم
غير المغضوب عليهم ولا الضالين
قال الحسن البصري -رحمه الله-:
” والله يا ابن ادم لئن قرات
القران ثم امنت به؛ ليطولن في الدنيا حزنك
وليشتدن في الدنيا خوفك
وليكثرن في الدنيا بكاؤك ”
وقال مالك بن دينار -رحمه الله-:
” ان الصديقين اذا قرئ
عليهم القران طربت قلوبهم الى الاخرة ”
سيد ولد ادم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-:
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-
قال: قال لي النبي صل الله عليه وسلم-:
« اقرا علي »
قلت : ” اقرا عليك وعليك انزل ؟
قال :
« فاني احب ان اسمعه من غيري »
فقرات عليه سورة النساء حتى بلغت:
{ فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }
[سورة النساء: 41]،
قال : « امسك »
فاذا عيناه تذرفان،
وفي رواية لمسلم:
” فرايت دموعه تسيل ”
[متفق عليه].
ابو بكر الصديق -رضي الله عنه-: كان رجلا اسيفا
لا يمر بالاية في الصلاة الا ويبكي.
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: كان يمر بالاية في
ورده، فتخنقه، فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته حتى يعاد،
يحسبونه مريضا.
اسماء بنت ابي بكر -رضي الله عنها-: قال عروة:
دخلت على اسماء وهي تصلي، فسمعتها وهي تقرا هذه الاية:
{ فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم }
[سورة الطور: 27]،
فاستعاذت، فقمت وهي تستعيذ
فلما طال علي اتيت السوق
ثم رجعت وهي في بكائها تستعيذ
سعيد بن جبير -رحمه الله-:
عن القاسم بن ابي ايوب قال:
” سمعت سعيد بن جبير يردد هذه الاية في الصلاة بضعا
وعشرين مرة :
{ واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس
ما كسبت وهم لا يظلمون }
[سورة البقرة: 281]”.
سفيان الثوري -رحمه الله-: صلى بالناس المغرب
فقرا حتى بلغ :
{ اياك نعبد واياك نستعين }
فبكى حتى انقطعت قراءته، ثم عاد فقرا :
{ الحمد لله رب العالمين }
محمد بن المنكدر -رحمه الله-:
بينما هو ذات ليلة قائم يصلي
اذ استبكى وكثر بكاؤه حتى فزع اهله وسالوه :
ما الذي ابكاه،
فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء، فارسلوا الى ابي
حازم فاخبروه بامره، فجاء ابو حازم اليه فاذا هو يبكي
قال: “يا اخي، ما الذي ابكاك ؟ قد رعت اهلك
افمن علة ام ما بك؟ ” فقال :
” انه مرت بي اية في كتاب الله -عز وجل-”
قال:”وما هي؟ ” قال:
قول الله -تعالى-:
{ وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون }
[سورة الزمر: 47]،
فبكى ابو حازم ايضا معه، واشتد بكاؤهما،
فقال بعض اهله
لابي حازم: ” جئنا بك لتفرج عنه فزدته ”
فاخبرهم ما الذي ابكاهما.
ويروى انه جزع عند الموت، فقيل له: “لم تجزع؟”،
فقال: “اخشى اية من كتاب الله -عز وجل-، قال الله -تعالى-:
{وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون}،
واني اخشى ان يبدو لي من الله ما لم اكن احتسب”.
الربيع بن خثيم -رضي الله عنه -: عن عبد الرحمن بن عجلان
قال: “بت عند الربيع بن خثيم ذات ليلة، فقام يصلي،
فمر بهذه الاية:
{ ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا
وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون }
[سورة الجاثية: 21]،
فمكث ليلته حتى اصبح ما جاوز هذه الاية الى غيرها
ببكاء شديد”.
علي بن الفضيل -رحمهما الله-: قال اسماعيل الطوسي
او غيره: بينما نحن نصلي ذات يوم الغداة خلف الامام
ومعنا علي بن فضيل، فقرا الامام:
{ فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان }
[سورة الرحمن: 56]،
فلما سلم الامام قلت: “يا علي، اما سمعت ما قرا الامام؟”
قال: “ما هو؟”، قلت:
{ فيهن قاصرات الطرف }
قال: “شغلني ما كان قبلها :
{ يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران }
[سورة الرحمن: 35]”.
ميمون بن مهران -رحمه الله-: قرا قوله -تعالى-:
{ وامتازوا اليوم ايها المجرمون }
[يس: 59]،
فرق حتى بكى، ثم قال :
” ما سمع الخلائق بعتب اشد منه قط “.
الحسن بن صالح -رحمه الله-: عن حميد الرواسي قال:
كنت عند علي والحسن ابني صالح ورجل يقرا:
{ لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم
الذي كنتم توعدون }
[سورة الانبياء: 103]،
فالتفت علي الى الحسن وقد اصفار واخضار، فقال:
“يا حسن، انها افزاع فوق افزاع”
ورايت الحسن اراد ان يصيح، ثم جمع ثوبه فعض
عليه حتى سكن عنه وقد ذبل فمه، واخضار واصفار.
عمرو بن عتبة -رحمه الله-: لما توفي دخل بعض اصحابه
على اخته، فقال: “اخبرينا عنه”، فقالت: “قام ذات ليلة،
فاستفتح سورة (حم)، فلما اتى على هذه الاية
{ وانذرهم يوم الازفة اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين
ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع }
[سورة غافر: 18]،
فما جاوزها حتى اصبح”.
سليمان التيمي -رحمه الله-: يحكي عنه مؤذنه معمر، قال:
“صلى الى جنبي سليمان التيمي بعد العشاء الاخرة،
وسمعته يقرا:
{ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير }
[سورة الملك: 1]،
فلما اتى على هذه الاية:
{ فلما راوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا }
[سورة الملك: 27]،
جعل يرددها حتى خف اهل المسجد فانصرفوا، فخرجت
وتركته، وغدوت لاذان الفجر فنظرت فاذا هو مقامه
فسمعت فاذا هو فيها لم يجزها، وهو يقول:
{ فلما راوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا }
عمر بن ذر -رحمه الله-: عن ابي نعيم، قال:
سمعت عمربن ذر يقرا هذه الاية:
{ اولى لك فاولى }
[سورة القيامة: 34]،
فجعل يقول: “يا رب ما هذا الوعيد؟
وكان اذا قرا هذه الاية:
{ مالك يوم الدين }
قال: “يا لك من يوم ! ما املا ذكرك لقلوب الصادقين !”
ابو سليمان الداراني -رحمه الله-: كان يقول: “ربما اقمت في
الاية الواحدة خمس ليال ولولا اني بعد ادع الفكر فيها
ما جزتها ابدا، وربما جاءت الاية من القران تطير العقل
فسبحان الذي رده اليهم بعد ”
محمد بن كعب القرظي -رحمه الله-: كان يقول:
“لان اقرا في ليلة حتى اصبح:
{ اذا زلزلت الارض زلزالها} و{ القارعة }
لا ازيد عليهما، واتردد فيهما واتفكر؛ احب الى من ان
اهدر القران هدرا”، او قال: “انثره نثرا”.
منع القران بوعده ووعيده *** مقل العيون بليلها ان تهجع
فهموا عن الملك الكريم كلامه *** فهما تذل له الرقاب وتخضع
والاخبار كثيرة، والقلوب التي هزتها ايات الله -عز وجل-
ها هي قد سبقتنا الى رضوانه،
ويبقى السؤال:
اين قلوبنا نحن من القران ؟
اين قلب من ختم القران ؟
اين قلب من يسمع القران ليله ونهاره ثم لا تدمع له
عين ولا يخشع له قلب ؟!
اللهم اغفر لنا عجزنا وتقصيرنا، اللهم طهر قلوبنا،
اللهم لا تخزنا يوم يبعثون،
{ يوم لا ينفع مال ولا بنون . الا من اتى الله بقلب سليم }
[سورة الشعراء: 88-89].